للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم رؤساؤُهم الذين كانوا في الدنيا، المَتْبوعون فيها على الكفرِ باللهِ، إذ عاينُوا عظيمَ النازلِ بهم مِن عذابِ اللهِ، فقالوا: يا ليتَ لنا كَرَّةً إلى الدنيا، فنَتَبَرَّأَ منهم، و ﴿يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنعام: ٢٧].

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾.

ومعنى قولِه: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ﴾. يقولُ: كما أراهم العذابَ الذي ذَكَره في قولِه: ﴿وَرَأَوُا الْعَذَابَ﴾ الذي كانوا يُكَذِّبون به في الدنيا، فكذلك يُريهم أيضًا أعمالَهم الخبيثَةَ التي اسْتَحَقُّوا بها العقوبةَ مِن اللهِ ﴿حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾ يعني: نَداماتٍ.

والحَسَراتُ جمعُ حَسْرَةٍ، وكذلك كلُّ اسمٍ كان واحِدُه على "فَعْلَةٍ" مفتوحُ الأوَّلِ ساكِنُ الثاني، فإنَّ جمعَه على "فَعَلاتٍ"، مثل: شَهْوَةٍ وتَمْرةٍ، تُجْمَعُ: شَهَواتٍ وتَمَراتٍ. مُثَقَّلَةُ الثَّواني مِن حروفِها. فأمَّا إذا كان نعتًا فإنَّك تَدَعُ ثانِيَه ساكنًا، مِثلَ: ضَخْمةٍ، تَجْمَعُها: ضَخْماتٍ، وعَبْلَةٍ تَجْمعُها عَبْلاتٍ.

وربما سُكِّن الثاني في الأسماءِ، كما قال الشاعرُ (١):

عَلَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ أو دُولاتِها (٢) … يُدِلْنَنا اللَّمَّةَ مِن لَماَّتِها

فتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ مِن زَفْرَاتِها

فسَكَّن الثاني مِن "الزَّفْراتِ" وهي اسمٌ.


(١) اللسان (ل م م)، (ع ل ل)، (ز ف ر).
(٢) الدولات: مفردها دَوْلة ودُولة وهي: العُقبَى، في المال والحرب سواء. وقيل: الدُّولة بالضم، في المال. والدَّولة بالفتح، في الحرب. اللسان (د و ل).