للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ﴾: فهؤلاء اليهودُ، كتَموا اسمَ محمدٍ ﷺ (١)

حدثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: حدثني حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، عن عكرمةَ قولَه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ﴾ والتي في "آل عمرانَ": ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ [آل عمران: ٧٧]: نزَلتا جميعًا في يهودَ (٢).

وأما تأويلُ قولِه: ﴿وَيَشْتَرُونَ بِهِ﴾ فإنه يعني: يَبْتاعون به. والهاءُ التي في ﴿بِهِ﴾ من ذِكرِ الكتمانِ. فمعناه: ويبتاعون (٣) بكتمانِهم ما كتَمُوا الناسَ من أمرِ محمدٍ ﷺ وأمرِ نبوَّتِه ثمنًا قليلًا. وذلك أنّ الذي كانوا يُعطَون على تحريفِهم كتابَ اللهِ، وتأوُّلِهمُوه على غيرِ وجْهِه، وكتمانِهم الحقَّ في ذلك، اليسيرُ من عرَضِ الدنيا.

كما حدثنا موسى، قال: ثنا عَمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السدِّيِّ: ﴿وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ قال (٤): كتَموا اسمَ محمدٍ ﷺ، وأخَذوا عليه طمعًا قليلًا، فهو الثمنُ القليلُ (٥).

وقد بينتُ فيما مضَى معنى (٦) اشترائِهم ذلك، بما أغنَى عن إعادتِه (٧).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٨٥ عقب الأثر (١٥٣٣) من طريق عمرو به.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٦٨ إلى المصنف.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ابتاعوا".
(٤) في الأصل: "قالوا".
(٥) تقدم أول هذا الأثر في ص ٦٢.
(٦) في م: "صفة".
(٧) ينظر ما تقدم في ١/ ٣٢٤ وما بعدها.