للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّارِ﴾ قال: هذا استفهامٌ، ولو كانت من الصَّبْرِ قال: فما أصْبَرُهم. رفعًا. قال: يقالُ للرجلِ: ما أصبَرَكَ؟ ما الذي فعَل بكَ هذا؟

حدثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ قال: هذا استفهامٌ، يقولُ: ما هذا الذي صَبَّرهم علي النارِ حتى جَرَّأهم فعمِلوا بهذا؟

وقال آخرون: هو تعجُّبٌ، بمعنى: فما أشدَّ جُرْأتَهم على النارِ لعَملِهم أعمالَ أهلِ النار!

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا سفيانُ بنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن ابنِ عُيَينةَ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ قال: ما أعملَهم بأعمالِ أهلِ النارِ (١)!

وهو قولُ الحسنِ البصريِّ وقتادةَ، وقد ذكَرناه قبلُ.

فمَن قال: هو تعجُّبٌ. وجَّه تأويلَ الكلامِ إلى: أولئك الذين اشترَوُا الضلالَةَ بالهدَى والعذابَ بالمغفرةِ، فما أشدَّ جُرْأتَهم بفعلِهم ما فعَلُوا من ذلك، على ما يوجِبُ لهم النارَ! كما قال تعالى ذكرُه: ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧].

تَعجُّبًا من كفرِه بالذي خلَقه وسوَّى خلْقَه.

فأما الذين وجَّهوا تأويلَه إلى الاستفهامِ فمعناهم (٢): هؤلاء الذين اشترَوُا


(١) أخرجه ابن عيينة - كما في الدر المنثور ١/ ١٦٩ - ومن طريقه سعيد بن منصور في سننه (٢٤٤ - تفسير، وأبو نعيم في الحلية ٣/ ٢٩٠، وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) في م: "فمعناه".