للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمَن قرَأ ذلكَ بتخفيفِ الصادِ وتسكين الواوِ فإنما قرَأه بلغةِ مَن قال: أوْصَيتُ فلانًا بكذا. ومَن قرَأ بتحريكِ الواوِ وتشديدِ الصادِ قرَأه بلغةِ مَن يقول: وصَّيتُ فلانًا بكذا. وهما لغتان للعربِ مشهورتان: وصَّيتُك. و: أَوْصَيتُك.

وأما الجَنَفُ فهو الجَوْرُ والعدولُ عن الحقِّ، في كلامِ العربِ، ومنه قولُ الشاعر (١):

همُ المَوْلى (٢) وقَدْ (٣) جنِفوا علينا … وَإنَّا مِن لقائِهمُ لَزُورُ (٤)

يقالُ منه: جنِف الرجلُ على صاحبِه يَجْنَفُ، إذا مال عليه وجارَ، جَنفًا.

فمعنى الكلامِ: فمَن خاف من موصٍ جنفًا له بموضعِ الوصيةِ، ومَثلًا عن الصوابِ فيها، وجورًا عن القصدِ و (٥) إثْمًا، بتعمدِه ذلك على علمٍ منه بخطأِ ما يأتى مِن ذلك، فأصْلَح بينَهم - فلا إثمَ عليه.

وبمثلِ الذى قلنا في معنى الجنَفِ والإثمِ قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى محمدُ بنُ سعدٍ، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنى عمى، قال: حدثنى أبى، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا﴾: يعنى بالجنفِ الخطأَ (٦).


(١) البيت لعامر الخصفى، وهو في مجاز القرآن ١/ ٦٦، ٦٧، وتأويل شكل القرآن ٢١٩.
(٢) المولى: بنو العم. اللسان (و ل ى).
(٣) في م: "إن".
(٤) الزُّور، جمع أزور، وهو المائل عن الشئ. ينظر اللسان (ز و ر)
(٥) في م، ت ١، ت ٣: "أو".
(٦) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٣٠٢ (١٦١٥) عن محمد بن سعد به.