للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحَجُّ. قال: كانوا يحجُّون في (١) ذي الحِجةِ عامين، وفي المحرَّمِ عامين، ثم حجُّوا في صَفرٍ عامين، وكانوا يحجُّون في كلِّ سنةٍ في كلِّ شهرٍ عامين، حتى (٢) وافَقتْ حَجَّةُ أبي بكرٍ من العامَين في ذي القَعدةِ قبلَ حَجةِ النبيِّ بسَنةٍ، ثم حجَّ النبيُّ مِن قابلٍ في ذي الحِجَّةِ، فذلك حينَ يقولُ رسولُ اللَّهِ : "إن الزَّمانَ قد استَدارَ كهَيئَتِه يومَ خلَق اللَّهُ السماواتِ والأرضَ" (٣).

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾. قال: بيَّن اللَّهُ أمرَ الحَجِّ ومعالِمَه، فليس فيه كلامٌ.

وأولى هذه الأقوالِ في قولِه: ﴿وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾. بالصوابِ قولُ مَن قال: معنى ذلك: قد بطَل الجدالُ في الحَجِّ ووقتِه، واستقام أمرُه ووقتُه على وقتٍ واحدٍ، ومناسكَ مُتفِقةٍ غيرِ مختلِفةٍ، فلا (٤) تنازُعَ فيه ولا مِراءَ. وذلك أن اللَّهَ أخبَر أن وقتَ الحَجِّ أشهُرٌ معلوماتٌ، ثم نفَى عن وقتِه الاختلافَ الذي كانتِ الجاهليةُ في شِرْكِها تختلِفُ فيه.

وإنما اخترنا هذا التأويلَ في ذلك ورأيناه أولى بالصوابِ مما خالَفه؛ لِما قد قدَّمنا من البيانِ آنفًا في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَا فُسُوقَ﴾. مِن (٥) أنه غيرُ جائزٍ أن يكونَ اللَّهُ خصَّ بالنهيِ [عنه عن معنى حالِ الإحرامِ وحالِ فرضِ الحاجِّ الحجَّ، إلا وذلك الذي خَصَّ بالنهيِ] (٦) عنه في تلك الحالِ مُطْلقٌ مباحٌ، في الحالِ التي يخالفُها، وهي حالُ


(١) في م: "وفي".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ثم".
(٣) سيأتي تخريجه في ١١/ ٤٥٥.
(٤) في م: "ولا".
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٦) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.