للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكونَ النبيُّ ﷺ عَنَى بقولِه: "وذكرِ اللَّهِ" (١). الأيامَ المعلوماتِ؟

قيل: غيرُ جائزٍ أن يكونَ عَنَى اللَّهُ ذلك؛ لأن اللَّهَ لم يكنْ يُوجبُ في الأيامِ المعلوماتِ مِن ذِكْرِه فيها ما أَوْجب في الأيامِ المعدوداتِ، وإنما وصَف المعلوماتِ جل ذكرُه بأنها أيامٌ يُذْكَرُ فيها اسمُ اللَّهِ على بهائمِ الأنعامِ، فقال: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٢٨]. فلم يُوجب في الأيامِ المعلوماتِ مِن ذِكْرِه كالذي أَوْجَبه في الأيامِ المعدوداتِ مِن ذِكْرِه، بل أَخبَر أنها أيامُ ذكرِه على بهائمِ الأنعامِ، فكان معلومًا - إذ قال ﷺ لأيامِ التشريقِ: "إنَّها أيامُ أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرِ اللَّهِ". فَأَخرَج قولَه: "وذكرِ اللَّهِ". مُطْلَقًا بغيرِ شرطٍ ولا إضافةٍ إلى أنه الذكرُ على بهائمِ الأنعامِ - أنه عَنَى بذلك الذكرَ الذي ذكَره اللَّهُ في كتابِه، فأَوْجَبه على عبادِه مُطْلَقًا بغيرِ شرطٍ، ولا إضافةٍ إلى معنًى في الأيامِ المعدوداتِ، وأنه لو كان أرادَ بذلك ﷺ وَصْفَ الأيامِ المعلوماتِ به، لوَصَل قولَه: "وذكرٍ". إلى أنه ذِكْرُ اسمِ (٢) اللَّهِ على ما رزَقنا من بهائمِ الأنعامِ، كالذي وصَفَ اللَّهُ به ذلك، ولكنه أَطلَقَ ذلك باسمِ الذكْرِ من غيرِ وَصْلِه بشيءٍ، كالذي أَطْلَقه ﵎ باسمِ الذكرِ، فقال: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾. فكان ذلك من أوضحِ الدليلِ على أنه عَنَى بذلك ما ذكَره اللَّهُ في كتابِه وأَوْجَبه في الأيامِ المعدوداتِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى﴾.


(١) بعده في الأصل: "في".
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.