للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُ عكرمةَ هذا وإن كان موافقًا قولَ مَن قال: إن قولَه: ﴿فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾. مِن صلةِ فعلِ الربِّ الذي قد تقدَّم ذكْرُناه، فإنه له مخالِفٌ في صفةِ الملائكةِ، وذلك أن الواجبَ مِن القراءةِ على تأويلِ قولِ عكرمةَ هذا في الملائكةِ الخفضُ؛ لأنه تأوَّلَ الآيةَ: هل يَنْظُرون إلَّا أن يأتيَهم اللَّهُ في ظُلَلٍ مِن الغمامِ وفي الملائكةِ. لأنه زعَم أن اللَّهَ تعالى يأتي في ظُلَلٍ مِن الغمامِ والملائكةُ حولَه. هذا إن كان وجَّهَ قولَه: والملائكةُ حولَه. إلى أنهم حولَ الغمامِ، وجعَل الهاءَ في "حولَه" مِن ذكرِ الغمامِ. وإن كان وجَّه قولَه: والملائكةُ حولَه. إلى أنهم حولَ الربِّ ، وجعَل الهاءَ في قولِه (١) مِن ذكرِ الربِّ ﷿، فقولُه نظيرُ قولِ الآخَرين الذين قد ذكَرْنا قولَهم، غيرُ مخالفِهم في ذلك.

وقال آخَرون: بل قولُه: ﴿فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾. من صلةِ فعلِ الملائكةِ، وإنما تأتي الملائكةُ فيها، فأمَّا الربُ تعالى ذكرُه فإنه يأتي فيما شاء.

ذكرُ مَن قال ذلك

حُدِّثْتُ عن عمَّارِ بنِ الحسنِ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ في قولِه: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ﴾ الآية. قال: ذلك يومَ القيامةِ، تأتيهم الملائكةُ في ظُلَلٍ من الغمامِ. قال: الملائكةُ يجيئون في ظللٍ مِن الغمامِ، والربُّ يجيءُ فيما شاء.

وأوْلى التأويلينِ بالصوابِ في ذلك تأويلُ مَن وجَّه قولَه: ﴿فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾. إلى أنه مِن صلةِ فعلِ الربِّ، وأن معناه: هل يَنْظُرون إلَّا أن يأتيَهم اللَّهُ في ظُللٍ مِن الغمامِ وتأتيَهم الملائكةُ؛ لِما حدَّثنا به محمدُ بنُ حُمَيْدٍ الرازيُّ، قال: ثنا


(١) في م: "حوله".