للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبينَهم - كم جِئتُهم به مِن قبلِك مِن آيةٍ وعلامةٍ على ما فرَضتُ عليهم مِن فرائضِي، وأمَرتُهم به مِن طاعتِي، وتابعتُ عليهم مِن حُجَجِي على أيدي أنبيائي ورسلي مِن قبلِك، مؤيِّدةً (١) لهم على صدقِهم، بيِّنةً أنها مِن عندِي، واضحةً أنها مِن أدلتِي على صدقِ نُذرِي ورسلي فيما افترَضتُ عليهم مِن تصديقِهم وتصديقِك، فكفروا حُججِي، وكذَّبوا رسلي، وغَيَّروا نِعَمِي قبلَهم، وبدَّلوا عهدِي ووصيتي إليهم.

وأما الآيةُ فقد بيَّنتُ تأويلَها فيما مضَى مِن كتابِنا بما فيه الكفايةُ (٢)، وهي ههنا ما حدَّثنا به محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسي، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ﴾: ما ذكَر اللَّهُ في القرآنِ وما لم يذكُرْ، وهم يهودُ (٣).

حُدِّثتُ عن عمارٍ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ قولَه: ﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ﴾. يقولُ: آتاهم اللَّهُ آياتٍ بيناتٍ؛ عصا موسى، ويدَه، وأقْطَعَهم البحرَ، وأغرَق عدوَّهم وهم ينظُرون، وظلَّلَ عليهم الغَمامَ، وأنزَل عليهم المَنَّ والسَّلْوَى (٤).

وذلك مِن آياتِ اللَّهِ التي آتَى بني إسرائيلَ في آياتٍ كثيرةٍ غيرِها، خالَفوا معها أمرَ اللَّهِ، وقتَلوا أنبياءَه ورسلَه، وبدَّلوا عهدَه ووصيتَه إليهم، قال اللَّهُ: ﴿وَمَنْ يُبَدِّلْ


(١) في م: "مريدة".
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٥٩٤ وما بعدها.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "اليهود".
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٧٣، ٣٧٤ (١٩٦٨، ١٩٧٠) من طريق ابن أبي نجيح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٤٢ إلى عبد بن حميد.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٧٤ عقب الأثر (١٩٦٩) من طريق ابن أبي جعفر به، وأخرجه في (١٩٦٩) من طريق أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية.