للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرابٍ ولا غيرِ ذلك، فاشتدَّ ذلك عليهم، فأنزَل اللهُ الرخصةَ فقال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾. يقولُ: مخالطتُهم في ركوبِ الدابَّةِ، وشُربِ اللبنِ، وخدمةِ الخادمِ. يقولُ للولىِّ الذى يَلى أمرَهم: فلا بأسَ عليه أن يَرْكَبَ الدابَّةَ، أو يَشْرَبَ اللبنَ، أو يَخْدُمَه الخادمُ.

وقال آخَرون في ذلك بما حدَّثنى عَمرُو بنُ علىٍّ، قال: ثنا عمرانُ بنُ عُيَيْنَةَ، قال: ثنا عطاءُ بنُ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ﴾ الآية. قال: كان يكونُ في حِجْرِ الرجلِ اليتيمُ، فيَعْزِلُ طعامَه وشرابَه وآنيتَه، فشقَّ ذلك على المسلمين، فأنزَل اللهُ: ﴿وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾ فأحلَّ خلطَهم (١).

حدَّثنى أبو السائبِ، قال: ثنا حفصُ بنُ غِياثٍ، قال: ثنا أشعثُ، عن الشَّعْبىِّ، قال: لمَّا نزَلت هذه الآيةُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾. قال: فاجْتَنب الناسُ الأيتامَ، فجعَل الرجلُ يَعْزِلُ طعامَه مِن طعامِه، ومالَه مِن مالِه، وشرابَه مِن شرابِه. قال: فاشتدَّ ذلك على الناسِ، فنزَلت: ﴿وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾ قال الشَّعْبىُّ: فمَن خالَط يتيمًا فَلْيتَوَسَّعْ عليه، ومَن خالَطَه لِيَأْكُلَ مِن مالِه فلا يَفْعَلْ (٢).

حدَّثنى علىُّ بنُ داودَ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن علىٍّ، عن


(١) أخرجه النسائى (٣٦٧٢)، وفى الكبرى (٦٤٩٧)، وابن أبى حاتم في تفسيره ٢/ ٣٩٥، ٣/ ٨٧٨ (٢٠٨١، ٤٨٧٩) من طريق عمران به.
(٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٣/ ٨٧٨ عقب الأثر (٤٨٧٩) معلقًا.