للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ذلك بطاعتِه فيما أمَركم به [ونَهاكم] (١) عنه، واذكرُوا أيضًا مع ذلك ما أَنزَل عليكم من كتابِه؛ [وذلك] (٢) القرآنُ الذي أَنزَلَه على نبيِّه محمدٍ ﷺ، واذكُروا ذلك فاعمَلُوا به، واحفَظُوا حدودَه فيه. ﴿وَالْحِكْمَةِ﴾ يعني: وما أَنزلَ عليكم من الحكمةِ، وهي السُّننُ التي علَّمَكُموها رسولُ اللَّهِ ﷺ وسَنَّها لكم.

وقد ذكَرْتُ اختلافَ المختلِفين في معنى الحكمةِ فيما مضَى قبلُ في قولِه: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ (٣) الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾. فأَغْنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿يَعِظُكُمْ بِهِ﴾: يَعِظُكم بالكتابِ الذي أَنزَله عليكم. والهاءُ التي في قولِه: ﴿بِهِ﴾ عائدةٌ على الكتابِ. ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾. يقولُ: وخافُوا اللَّهَ فيما أمَركم به، وفيما نَهاكم عنه، في كتابِه الذي أَنزلَه عليكم، وفيما أَنزلَه فبَيَّنه على لسانِ رسولِه ﷺ لكم، أن تُضَيِّعُوه وتَتَعَدَّوْا حدودَه، فتَسْتَوْجِبُوا ما لا قِبَلَ لكم به من أليمِ عِقابِه، ونَكَالِ عذابِه.

وقولُه: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾. يقولُ: واعلَمُوا أيها الناسُ أن ربَّكم الذي حدَّ لكم هذه الحدودَ، وشرَع لكم هذه الشرائعَ، وفرَض عليكم هذه الفرائضَ في كتابِه وفي تنزيلِه على رسولِه محمدٍ ﷺ، بكلِّ ما أنتم عامِلُوه من خيرٍ وشرٍّ، وحسَنٍ وسَيِّئٍ، وطاعةٍ ومعصيةٍ، عالمٌ، لا يَخْفَى عليه من ظاهرِ ذلك وخَفِيِّه، وسِرِّه وجَهْرِه، شيءٌ، وهو مُجازِيكم بالإحسانِ إحسانًا، وبالسَّيِّئِ سَيِّئًا، إلا أن يَعْفُوَ ويَصْفَحَ، فلا تَتَعَرَّضُوا لِعقابِه وتَظْلِمُوا أنفسَكم.


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) في م: "ذلك".
(٣) في النسخ: "يعلمكم".
(٤) ينظر ما تقدم في ٢/ ٥٧٤.