للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى كلِّ أحدٍ مِن أبوَيِ المولودِ بالنهيِ عن ضِرارِ صاحبهِ بمولودِهما، لا أنه نَهَى كلَّ واحدٍ منهما عن أن يُضارَّ المولودَ، وكيف يجوزُ أن يَنْهاه ىن مُضارَّةِ الصبيِّ، والصبيُّ - في حالِ ما هو رَضيعٌ - غيرُ جائزٍ أن يكونَ منه ضِرارٌ لأحدٍ، فلو كان ذلك معناه، لكان التَّنْزيلُ: لا تُضَرُّ (١) والدةٌ بولدِها.

وقد زعَم آخَرون مِن أهلِ العربيةِ (٢) أن الكسرَ في ﴿تُضَارَّ﴾ جائزٌ. والكسرُ في ذلك عندي في هذا الموضعِ غيرُ جائزٍ؛ لأنه إذا كُسِر تغَيَّر معناه عن معنى: لا تضارَرْ (٣)، الذي هو في مذهبِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه، إلى معنى: لا تضارِرْ (٤). الذي هو في مذهبِ ما قد سُمِّي فاعلُه.

فإذ كان اللَّهُ تعالى ذكرُه قد نهَى كلَّ واحدٍ مِن أبوَيِ المولودِ عن مضارَّةِ صاحبِه بسببِ ولدِهما، فحقٌّ على إمامِ المسلمين - إذا أراد الرجلُ نَزْعَ ولدِه مِن أمِّه بعدَ بَيْنونتِها منه، وهي تَحْضُنُه وتَكْفُلُه وتُرْضِعُه، بما يَحْضُنُه به غيرُها ويَكْفُلُه به ويُرْضِعُه مِن الأُجْرةِ - أن يَأْخُذَ الوالدَ بتسليمِ ولدِها، ما دام مُحْتاجًا الصبيُّ إليها في ذلك، بالأُجرةِ التي يُعْطاها غيرُها. وحقٌّ عليه إذا كان الصبيُّ لا يَقْبَلُ ثَدْيَ غيرِ والدتِه، أو (٥) كان المولودُ له لا يَجِدُ مَن يُرْضِعُ ولدَه، وإن كان يَقْبَلُ ثَدْيَ غيرِ أمِّه، أو كان مُعْدِمًا لا يَجِدُ ما يَسْتَأْجِرُ به مُرْضِعًا، ولا يَجِدُ من (٦) يَتَبَرَّعُ عليه برَضاعِ مولودِه، أن يَأْخُذَ والدتَه البائنةَ مِن والدِه برَضَاعِه وحَضانتِه؛ لأن اللَّهَ تعالى ذكرُه إنْ (٧) حرَّم على


(١) في ص، ت ١، ت ٢: "تضار".
(٢) هو الفراء في معاني القرآن ١/ ١٤٩.
(٣) في ص، م: "تضار".
(٤) في النسخ: "تضار". والصواب ما أثبتناه.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢: "إذ".
(٦) في النسخ: "ما". والمثبت هو الصواب.
(٧) سقط من: م.