للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَشْغَلُهم عن سعيِهم في مطالبِهم ومكاسِبِهم، وإن كان قد حَثَّهم في كتابِه وعلى لسانِ رسولِه في ذلك الوقتِ على صلاةٍ، ووَعَدهم عليها الجزيلَ مِن ثوابِه، مِن غيرِ أن يَفْرِضَها عليهم، وهى صلاةُ الضُّحى. والآخَرُ منهما: آخِرُ النهارِ، وذلك مِن بعد إبْرادِ الناس وإمكانِ التصرفِ وطَلَبِ المعاشِ صيفًا وشتاءً، إلى وقتِ مَغيبِ الشمسِ، وفَرَض عليهم فيه صلاةَ العصرِ، ثم حَثَّ على المحافظةِ عليها لِئَلّا يُضَيِّعُوها؛ لِمَا عَلِم مِن إيثارِ عبادِه أسبابَ عاجلِ دنياهم وطلبَ معايشِهم فيها، على أسبابِ آجلِ آخرَتِهم، بما حَثَّهم به عليه في كتابِه، وعلى لسانِ رسولِه . ووَعَدهم مِن جزيلِ ثوابِه على المحافظةِ عليها، ما قد ذَكَرتُ بعضَه في كتابِنا هذا. وسنَذْكُرُ باقِيَه في كتابِنا الأكبرِ إن شاء اللهُ مِن كتاب "أحكامِ الشرائعِ".

وإنما قيل لها: ﴿الْوُسْطَى﴾. لتَوَسُّطِها الصلواتِ المكتوباتِ الخمسَ، وذلك أن قبلَها صلاتَيْن، وبعدَها صلاتَيْن، وهى بين ذلك وُسْطاهُنَّ.

والوُسْطَى الفُعْلَى، مِن قولِ القائلِ: وسَطْتُ القومَ أَسِطُهم سِطَةً ووُسُوطًا. إذا دَخَلتَ وَسْطَهم. ويقال للذَّكَرِ فيه: هو أوْسَطُنا. وللأنثى: هي وُسْطانا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)﴾.

اختلفَ أهلُ التأويلِ في معنَى قولِه: ﴿قَانِتِينَ﴾؛ فقال بعضُهم: معنَى القُنوتِ الطاعةُ. ومعنى ذلك: وقومُوا للهِ في صلاتِكم، مُطِيعِين له فيما أمَرَكم به فيها، ونهاكم عنه.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليُّ بنُ سعيدٍ الكِنْديُّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ المباركِ، عن ابن عَوْنٍ، عن