للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾. قال: القنوتُ الرُّكودُ. يعنى القيامَ في الصلاةِ والانْتصابَ له.

وقال آخرون: بل القنوتُ في هذا الموضعِ الدعاءُ. قالوا: تأويلُ الآيةِ: وقوموا للهِ راغِبِين في صلاتِكم.

ذِكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا ابن عُلَيَّةَ، وثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا ابنُ أبى عَدِيٍّ وعبدُ الوَهَّابِ ومحمدُ بنُ جعفرٍ، جميعًا عن عوفٍ، عن أبي رجاءٍ، قال: صَلَّيتُ مع ابن عباسٍ الغَداةَ في مسجدِ البصرةَ، فقَنَت بنا قبلَ الركوعِ، وقال: هذه الصلاةُ الوسطى التي قال اللهُ: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ (١).

قال أبو جعفرٍ: وأَوْلَى هذه الأقوالِ بالصوابِ في تأويلِ قولِه: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾. قولُ مِن قال: تأويلُه: مُطيعينَ. وذلك أن أصلَ القنوتِ الطاعةُ. وقد تكونُ الطاعةُ للهِ في الصلاةِ بالسكوتِ عما نهاه (٢) اللهُ مِن الكلامِ فيها؛ ولذلك وَجَّه مَن وَجَّه تأويلَ القنوتِ في هذا الموضعِ إلى السكوتِ في الصلاةِ - أحدِ المعاني التي فَرَضَها اللهُ على عبادِه فيها - إلا عن قراءة قرآنٍ، أو ذِكرٍ له بما هو أهْلُه.

ومما يَدُلُّ على أنهم قالوا ذلك كما وَصَفْنا، قولُ النَّخَعيِّ ومجاهدٍ الذي حدَّثنا به أحمدُ بنُ إسحاقَ الأَهْوازِيُّ (٣)، قال: ثنا أبو أحمدَ الزُّبيريُّ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ ومجاهدٍ، قالا: كانوا يَتَكَلَّمون في الصلاةِ، يَأْمُرُ الرجلُ (٤) أخاه بالحاجةِ، فنَزَلتْ: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾. قال: فقَطَعوا الكلامَ. والقنوتُ


(١) تقدم تخريجه ص ٣٦٧، ٣٦٨.
(٢) في م: "نهى".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عن الأهوازي".
(٤) في م، ت ١: "أحدهم".