للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففصَل النبيُّ بينَ حكمِ صلاةِ الخوفِ في غيرِ حالِ المسايفةِ والمطاردةِ، وبينَ حكمِ صلاةِ الخوفِ في حالِ شدَّةِ الخوفِ والمسايفةِ، على ما روَيْنا عن ابن عُمرَ، فكان معلومًا بذلك أن قولَه تعالى ذِكُره: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾. إنما عنَى به الخوفَ الذي وصَفْنا صفتَه.

وبنحوِ الذي روَى ابن عُمرَ عن النبيِّ ، رُوِى عن ابن عُمَرَ أنه كان يقولُ. حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا ابن عُلَيَّةَ، عن أيوبَ، عن نافعٍ، عن ابن عُمرَ أنه قال في صلاةِ الخوفِ: يُصَلِّي بطائفةٍ مِن القومِ ركعةً، وطائفةٌ تَحْرُسُ، ثم يَنْطَلِقُ هؤلاءِ الذين صلَّى بهم ركعةً حتى يقوموا مَقامَ أصحابهم، ثم يَجِيءُ أولئك، فيُصَلِّي بهم ركعةً، ثم يُسلِّمُ، وتقومُ كلُّ طائفةٍ فتُصَلِّى ركعةً. قال: فإن كان خوفٌ أشدُّ مِن ذلك فرجالًا أو ركبانًا (١).

وأمَّا عددُ الركَعاتِ في تلك الحالِ مِن الصلاةِ، فإنى أُحِبُّ أَلا يَقْصُرَ (٢) مِن عددِها في حالِ الأمنِ، وإن قصَر عن ذلك فصلَّى ركعةً، رأيتُها مُجزئةً؛ لأن بشرَ بنَ مُعاذٍ حدَّثني، قال: ثنا أبو عَوَانةَ، عن بُكيرِ (٣) بن الأخنسِ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: فرَض اللهُ الصلاةَ على لسانِ نبيِّكم في الحضَرِ أربعًا، وفي السفرِ ركعتَينِ، وفى الخوفِ ركعةً (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ


(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٤٢٥٨) عن ابن جريج نافع به.
(٢) في م، ت ١: "يقتصر".
(٣) في النسخ: "بكر". وينظر تهذيب الكمال ٤/ ٢٣٥.
(٤) أخرجه أحمد ٤/ ٢٨، ١٤٤ (٢١٢٤، ٢٢٩٣)، ومسلم (٥/ ٦٨٧)، وأبو داود (١٢٤٨)، والنسائي (٤٥٤)، وابن ماجه (١٠٦٨)، وابن حبان ٧/ ١١٩ (٢٨٦٨)، والبيهقى ٣/ ١٣٥ من طريق أبي عوانة به.