للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسَفِلَتُهم، فأُرْسِل عليهم الموتُ، فصاروا عظامًا تَبْرُقُ. قال: فجاءهم أهلُ القُرَى فجمَعوهم في مكان واحدٍ، فمرَّ بهم نبيٌّ، فقال: يا ربِّ، لو شئتَ أحييتَ هؤلاءِ فَعَمَروا بلادَك وعبَدوك! قال: أَوَ أَحَبُّ إليك أن أفْعَلَ؟ قال: نعم. قال: فقل كذا وكذا. فتكلَّم به، فنظر إلى العظام وإن العظمَ لَيَخْرُجُ من عندِ العظم الذي ليس منه إلى العظم الذي هو منه، ثم تكلَّم [بما أُمِرَ] (١)، فإذا العظامُ تُكْسَى لحمًا، ثم أُمر بأمرٍ فتكلَّم به، فإذا هم قعودٌ يُسبِّحون ويُكَبِّرون، ثم قيل لهم: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني سعيدُ بنُ أيوب، عن حمادِ بن عثمانَ، عن الحسن أنه قال في الذين أماتهم الله ثم أحياهم، قال: هم قومٌ فرُّوا من الطاعون، فأماتهم الله عقوبةً ومقتًا، ثم أحياهم لآجالهم.

وأَوْلَى القولين في تأويل قوله: ﴿وَهُمْ أُلُوفٌ﴾. بالصواب، قولُ مَن قال: عنى بالألوف كثرة العددِ. دونَ قول مَن قال: عنَى به الائتلاف. بمعنى ائتلاف قلوبهم، وأنهم خرَجوا من ديارهم من غيرِ افتراقٍ كان منهم ولا تباغُضٍ، ولكن فرارًا؛ إِمَّا مِن الجهاد، وإما من الطاعون - لإجماع الحُجَّةِ على أن ذلك تأويل الآية، ولا يُعارَضُ بالقول الشاذِّ ما استفاض به القولُ من الصحابة والتابعين.

وأَوْلَى الأقوال في مبلغ عددِ القوم الذين وصف الله خروجَهم من ديارهم، بالصواب، قولُ مَن حدَّ عددهم بزيادة عن (٣) عشرة آلافٍ - دونَ مَن حدَّه بأربعةِ


(١) في ص، ت ١: "بأمر".
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في من عاش بعد الموت (٥١)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٥٧ (٢٤١٨) من طريق حصين به. وينظر تفسير مجاهد ص ٢٤٠.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢.