للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه لم يَبْقَ من الألواحِ إلا سُدُسَها. قال: وكانت العمالِقةُ قد سَبَت ذلك التابوتَ - والعمالِقَةُ فِرْقةٌ من عادٍ كانوا بأريحا (١) - فجاءت الملائكةُ بالتابوتِ تحمِلُه بينَ السماءِ والأرضِ، وهم ينظُرُون إلى التابوتِ حتى وضَعَته عندَ طالوتَ، فلما رَأَوا ذلك قالوا: نعم. فسلَّموا له ومَلَّكوه، قال: وكانت الأنبياءُ إذا حضَروا قِتالًا، قدَّموا التابوتَ بين أيديهم ويقولون: إن آدَمَ نزل بذلك التابوتِ وبالرُّكْنِ. وبلَغنى أن التابوتَ وعصا موسى في بُحَيرةِ طَبَرِيَّةَ، وأنهما يَخْرُجان قبل يومِ القيامةِ.

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا عبدُ الصَّمَدِ بنُ مَعْقِلٍ، أنه سَمِع وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ يقولُ: إن أرميا لمَّا خُرِّب بيتُ المَقدسِ، وحُرِّقَتِ (٢) الكُتُبُ، وقَف في ناحية الجَبلِ، فقال: ﴿أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ﴾ [البقرة: ٢٥٩]. ثم ردَّ اللهُ مَن ردَّ من بني إسرائيلَ على رأسِ سبعين سنةً من (٣) حينَ أماته، يَعْمُرونها ثلاثين سنةً تمامَ المائةِ، فلما ذهَبَت المائةُ، ردَّ اللهُ إليه روحَه وقد عَمَرَت، فهى على حالِها الأولى. [قال: فجعَل يَنْظُرُ إلى العظام كيف يَلْتَئِمُ بعضُها إلى بعضٍ، ثم نظَر إلى العظامِ تُكْسَى عَصَبًا ولحمًا، ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٥٩]. فقال: ﴿فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ [البقرة: ٢٥٩]. قال: وكان طعامُه تِينًا فِي مِكْتَلِ، وقُلَّةً فيها ماءٌ. قال: ثم سلَّط الله عليهم الوَصَبَ] (٤)، فلما أراد أن يَرُدُّ عليهم التابوتَ، أوحى الله إلى نبيٍّ من أنبيائهم - إمَّا دانيالُ وإما غيرُه -: إن كنتم تُريدون أن يُرْفَعَ عنكم


(١) أريحا: مدينة قديمة جدًّا في غور الأردن شمالى شرقى القدس على مسافة ثمانية عشر ميلًا منها. ينظر دائرة المعارف للبستاني ٣/ ٢٧٧.
(٢) في النسخ وتاريخ دمشق: "حرق". والمثبت من تفسير عبد الرزاق.
(٣) سقط من: س.
(٤) سقط من: النسخ. واستدركناه من مصدرى التخريج. ومما سيأتي في ص ٥٩٤.