للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾. يقولُ: إن الله مُخْتَبِرُكم بنَهَرٍ، ليَعْلَمَ كيف طاعتُكم له.

وقد دلَّلنا على أن معنى الابتلاء الاختبارُ فيما مضَى، بما أغنَى عن إعادته (١).

وبما قلنا في ذلك كان قتادةُ يقولُ.

حدَّثنا بشرُ بن معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ في قولِ اللَّهِ تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾. قال: إن الله يَبْتلى خلْقَه بما يشاءُ؛ ليَعْلَمَ مَن يطيعُه مِمَّن يَعْصِيه (٢).

وقيل: إن طالوتَ قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾. لأنهم شكَوا إلى طالوتَ قلةَ المياهِ بينَهم وبيَن عدوِّهم، وسألوه أن يدعوَ اللَّهَ لهم أن يُجْرِيَ بينَهم وبينَ عدوِّهم نَهَرًا. فقال لهم طالوتُ حينَئذٍ ما أخبَر الله عنه أنه قاله مِن قولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمَةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: حدَّثني بعضُ أهلِ العلمِ، عن وَهْبِ بن مُنَبِّهٍ، قال: لمَّا فَصَل طالوتُ بالجنودِ قالوا (٣): إن المياهَ لا تحمِلُنا، فادْعُ الله لنا يُجْرِى لنا نَهَرًا. فقال لهم طالوتُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ الآية (٤).


= لأن أرض بيت المقدس لا تحتمل أن يجتمع فيها جيش مقاتلته يبلغون ثمانين ألفا. البداية والنهاية ٢/ ٢٩٥.
(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٧٧.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٧٣ (٢٤٩٨) من طريق يزيد به.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قال".
(٤) ذكره ابن عطية في تفسيره ٢/ ١٧٣.