للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾: فشَرِب كلُّ إنسانٍ كَقَدْرِ (١) الذي في قلبهِ، فمَن اعْتَرَف غُرْفةً وأطاعَه رَوى بطاعتِه، ومَن شَرِب فأكثَر عَصَى، فلم يَرْوَ لمعصيتِه (٢).

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، في حديثٍ ذكَره عن بعضِ أهلِ العلمِ، عن وَهْبِ بن مُنَبِّهٍ في قولِه: ﴿فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾. يقولُ الله تعالى ذكرُه: ﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ وكان - فيما يزعُمون - من تَتَابَعَ منهم في الشُّرْبِ الذي نُهِي عنه لم يُرْوِه، ومَن لم يَطْعَمُه إلا كما أُمِر غُرْفَةً بيدِه، أجْزأه وكَفاه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ﴾: فلما جاوَز النَّهَرَ طالوتُ. والهاءُ في: ﴿جَاوَزَهُ﴾ عائدةٌ على النَّهَرِ. و ﴿هُوَ﴾ كنايةُ اسمِ طالوتَ. وقولُه: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾. يعني: وجاوَز النَّهَرَ معه الذين آمنوا، ﴿قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾.

ثم اخْتُلِف في عِدَّةِ مَن جاوَز النَّهَرَ معه يومَئِذٍ، ومَن قال منهم: لا طاقةَ لنا اليومَ بجالوتَ وجنودِه؛ فقال بعضُهم: كانت عِدَّتُهم عِدَّةَ أَهلِ بدرٍ؛ ثلاثَمائةِ رجلٍ وبِضْعةَ عشَرَ رجلًا.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا هارونُ بنُ إسحاقَ الهَمْدَانِيُّ، قال: ثنا مُصْعَبُ بنُ المِقْدام، وحدَّثنا


(١) في ت ١: "بقدر".
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٤٤٠.