للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾.

يعنِى بذلك جلَّ ثناؤُه: أوَ لم تَرَ إذ قال إبراهيمُ: ربِّ أَرِنى.

وإنما صلَح أن يُعْطَفَ بقولِه: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ﴾ على قولِه: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾. وقولُه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ﴾؛ لأن قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ ليس معناه: ألم تَرَ بعينَيْك. وإنما معناه: ألم تَرَ بقلبِك. فمعناه: ألم تَعْلَمُ فَتَذْكُرَ (١)، وإن كان لفظُه لفظ الرؤيةِ، فيُعْطَفُ عليه أحيانًا بما يُوافِقُ لفظَه من الكلامِ، وأحيانًا بما يُوافِقُ معناه.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في سببِ مسألةِ إبراهيمَ ربَّه أن يُرِيَه كيف يُحْيِي الموتى؛ فقال بعضُهم: كانت مسألتُه ذلك ربَّه، أنه رأى دابَّةً قد تقسَّمتْها السِّباعُ والطيرُ، فسأل ربَّه أن يُرِيَه كيفيةَ إحيائه إيَّاها، معَ تفرُّقِ لحمِها (٢) في بطونِ طيرِ الهواءِ وسباعِ الأرضِ؛ ليرَى ذلك عِيانًا، فيزدادَ يقينًا برؤيته ذلك عِيانًا، إلى علمِه به خبرًا، فأراه اللهُ جلّ ثناؤُه ذلك مثلًا بما أَخْبَر أنه أمره به.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى﴾: ذُكر لنا أن خليلَ الله إبراهيمَ أتَى على دابَّةٍ توزَّعتْها الدوابُّ والسباعُ، فقال: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى﴾ قال: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِنْ﴾؟ قال: ﴿بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ (٣).


(١) بعده في م: "فهو".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢: "لحومها".
(٣) عزاه الحافظ في الفتح ٦/ ٤١٢ إلى المصنف.