للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني جلَّ ثناؤه بـ "الخبيث": الردئَ غيرَ الجيِّدِ. يقولُ: لا تعمَّدوا الردئَ من أموالِكم في صدقاتِكم، فتصَّدَّقُوا منه، ولكن تصدَّقوا من الطيِّبِ الجيِّدِ. وذلك أن هذه الآيةَ نزَلت في سببِ رجلٍ من الأنصارِ علَّق قِنْوًا (١) من حَشَفٍ (٢) في الموضعِ الذي كان المسلمون يعلِّقون صدقةَ ثمارِهم، صدقةً من تمرِه.

ذِكرُ من قال ذلك

حدَّثني الحسينُ بنُ عمرِو بن محمدٍ العَنْقَزِيُّ، قال: ثنا أبي، عن أسباطَ، عن السُّديِّ، عن عديِّ بن ثابتٍ، عن البَرَاءِ بن عازبٍ في قولِ اللهِ : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ إلى قولِه: ﴿اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾. قال: نزَلت في الأنصارِ، كانت الأنصار إذا كان أيامُ جَدادِ (٣) النخلِ، أَخْرجت من حِيطانِها أَقْناءَ البُسْرِ، فعلَّقوه على حبلٍ بينَ الأُسْطُوانتين في مسجدِ رسولِ اللهِ ، فيأكُلُ فقراءُ المهاجرين منه، فيعمِدُ الرجلُ منهم إلى الحشَفِ فيُدخِلُه مع أقناءِ البُسْرِ، يظنُّ أن ذلك جائزٌ، فأَنْزل اللهُ ﷿ في من فعَل (٤) ذلك: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾. قال: ولا تيمَّموا الحَشَفَ منه تنفِقون (٥).

حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، قال: زعم السُّديُّ، عن عديِّ بن ثابتٍ، عن البراءِ بن عازبٍ بنحوِه، إلا أنه قال: فكان يعمِدُ بعضُهم،


(١) القنو والجمع أقناء: العذق بما فيه من الرطب. النهاية ٤/ ١١٦.
(٢) الحشف: اليابس الفاسد من التمر، وقيل: الضعيف الذي لا نوى له كالشيص. النهاية ١/ ٣٩١.
(٣) في ص: "حداد"، وفى م: "جذاذ". والجداد والجذاذ بمعنى القطع.
(٤) في ت ١، ت ٣: "يعمل".
(٥) أخرجه ابن ماجه (١٨٢٢)، وابن أبي حاتم في تفسيره - مختصرا - ٢/ ٥٢٧ (٢٧٩٨) مختصرًا من طريق عمرو بن محمَّد العنقزى به.