للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيظٍ، أنه بعث إليك بما لم يكن له فيه حاجةٌ (١).

وقال آخرون: معنى ذلك: ولستم بآخذى الحرام إلا أن تُغمضوا على ما فيه من الإثم عليكم في أخذه.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيدٍ، وسألته عن قوله: ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾. قال: يقولُ: لست آخذ ذلك الحرام حتى تُغْمِضَ على ما فيه من الإثم. قال: وفى كلام العرب: أما والله لقد أخذه، ولقد أَغْمَض على ما فيه. وهو يعلَمُ أنه حرامٌ باطلٌ (٢).

والذي هو عندى أولى بتأويل ذلك أن يقال: إن الله جل ثناؤُه حَثَّ عبادَه على الصدقة، وأداء الزكوات من أموالهم، وفرضها عليهم فيها، فصار ما فرض من ذلك في أموالهم حقًّا لأهل سُهمانِ الصدقة، ثم أمرهم تعالى ذكره أن يُخْرِجوا من الطيِّب [دون الخبيث] (٣)، وهو الجيِّد من أموالهم الطيِّب، وذلك أن أهل السُّهمانِ شركاءُ أرباب الأموال في أموالهم، بما وجب لهم فيها من الصدقة بعد وجوبها، فلا شكَّ أن كلَّ شريكين في مال، فلكل واحدٍ منهما بِقَدْرِ مِلْكِه، وأن ليس لأحدهما منعُ شريكه من حقِّه من المال (٤) الذي هو فيه شريكه، بإعطائه بمقدار حقِّه منه من غيره، ممَّا هو أردأُ [وأخسُّ منه] (٥)، فكذلك المُزكِّى ماله، حرَّم الله عليه أن يُعطى أهلَ السُّهْمانِ ممَّا وجب لهم في ماله من الطيِّب الجيِّد من الحقِّ، فصاروا


(١) تقدم تخريجه في ص ٦٩٩، ٧٠٠.
(٢) ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ٢/ ٢٤٧ بنحوه.
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الملك".
(٥) في م: "منه أو أحسن".