للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبمثل ما قُلْنا في ذلك قال جماعةُ أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قوله: ﴿ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾. يقولُ: أعدلُ عندَ اللهِ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه: ﴿وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤه: وأصوبُ للشهادةِ. وأصلُه مِن قولِ القائلِ: أقمتُه مِن عِوَجه. إذا سوَّيتَه فاستوَى.

وإنما كان الكتابُ أعدلَ عندَ اللهِ، وأصوبَ لشهادةِ الشهودِ على ما فيه؛ لأنه يَحْوِى الألفاظَ التي أقرَّ بها البائعُ والمشترى وربُّ الدَّينِ، والمستدينُ على نفسِه، فلا يَقَعُ بين الشهودِ اختلافٌ في ألفاظِهم بِشهاداتِهم؛ لاجتماعِ شهاداتِهم على ما حواه الكتابُ، وإذا اجتمَعت شهاداتُهم على ذلك، كان فصلُ الحكمِ بينَهم أبْيَن لمن احْتُكِم إليه مِن الحكامِ، مع غيرِ ذلك مِن الأسبابِ، وهو أعدلُ عندَ اللهِ؛ لأنه قد أمرَ، به، واتباعُ أمرِ اللهِ لا شكَّ أنه عندَ اللهِ أقسطُ وأعدلُ مِن تركِه والانحرافِ عنه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه: ﴿وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾.

يعْنى جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿وَأَدْنَى﴾: وأقربُ، من الدُّنُوِّ وهو القربُ.

ويَعْنى بقولِه: ﴿أَلَّا تَرْتَابُوا﴾: مِن ألا تَشُكُّوا في الشهادةِ.

كما حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ذلك ﴿وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾. يقولُ: ألا تشكُّوا في الشهادةِ (٢).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٦٤ (٣٠٠٧) من طريق عمرو به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٦٥ عقب الأثر (٣٠١٢) من طريق عمرو بن حماد به.