للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١]. افتتاحًا باسمِه الكلامَ، فكذلك افتَتَح باسمِه والثناءِ على نفسِه الشهادةَ بما وصَفنا من نَفْي الألوهةِ عن غيرِه، وتَكْذيبِ أهلِ الشركِ به.

فأما ما قال الذي وصَفْنا قولَه مِن أنّه عنَى بقولِه: ﴿شَهِدَ﴾: قَضَى. فمِمَّا لا يُعرَفُ في لغةِ العربِ ولا العَجَمِ؛ لأن الشهادةَ معنىً، والقضاءَ غيرُها.

وبنحوِ ما قلنا في ذلك رُوِى عن بعضِ المُتقدِّمِين القولُ في ذلك.

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزُّبيرِ: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ﴾: بخلافِ ما قالوا، يعنى بخلافِ ما قال وَفْدُ نَجْرانَ مِن النصارَى، ﴿قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ أَي: بالعدل (١).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذَيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿بِالْقِسْطِ﴾: بالعدلِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾.

ومعْنى الدِّينِ في هذا الموضعِ: الطاعةُ والذِّلَّةُ، من قولِ الشاعرِ (٢):

ويوم الحَزْنِ إِذْ حَشَدَت مَعَدٌّ … وكان الناسُ إلا نحنُ دِينَا

يعنى بذلك: مُطِيعينَ على وَجْهِ الذُّلِّ. ومنه قولُ القُطَامِيِّ (٣):


(١) سيرة ابن هشام (١/ ٥٧٧)، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٦١٦) (٣٣٠٥) من طريق سلمة، عن ابن إسحاق قوله، مقتصرًا على: بخلاف ما قالوا.
(٢) أنشده الفراء في معاني القرآن (٣/ ٨١) عن المفضل، والشطر الثاني منه في اللسان (د ى ن).
(٣) ديوانه ص ٥٨.