للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَعنى بذلك جلّ ثناؤه: قل يا محمدُ للذين أمَرْتُهم ألا يتَّخِذوا الكافرين أولياءَ مِن دونِ المؤمنين: ﴿إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ﴾ مِن مُوالاةِ الكفارِ فتُسِرُّوه (١)، أو تُبْدوا ذلكم مِن نفوسِكم بألسنتِكم وأفعالِكم فتُظهِروه، ﴿يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾، فلا يَخْفَى عليه. يقولُ: فلا تُضْمِرُوا لهم مودَّةً ولا تُظْهِرُوا لهم مُوالاةً، فيَنالَكم مِن عُقوبةِ ربِّكم ما لا طاقةَ لكم به؛ لأنه يعلمُ سِرَّكم وعَلانيتَكم، فلا يَخْفَى عليه شيءٌ منه، وهو مُحْصِيه عليكم، حتى يُجازيَكم عليه بالإحسانِ إحسانًا، وبالسيئةِ مثلَها.

كما حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ، قال: أخبرهم أنه يَعْلَمُ ما أَسَرُّوا مِن ذلك وما أعلنوا، فقال (٢): ﴿إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ﴾ (٣).

وأمَّا قولُه: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ فإنه (٤) يَعنى أنه إذا (٥) كان لا يَخْفَى عليه شيءٌ هو في سماءٍ أو أرضٍ أو حيثُ كان، فكيف يَخْفَى عليه - أيُّها القومُ الذين يَتَّخِذون الكافرين أولياءَ مِن دونِ المؤمنين - ما في صدورِكم من المَيْلِ إليهم بالمودةِ والمحبةِ، أو ما تُبْدُونه لهم بالمعونةِ فعلًا وقولًا؟

وأمَّا قولُه: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فإنه يعنى: والله قديرٌ على مُعاجَلتِكم بالعقوبةِ (٦) على مُوالاتِكم إياهم، ومُظاهرتِكموهم على المؤمنين، وعلى ما يشاءُ من الأمورِ كلِّها، لا يَتَعذَّرُ عليه شيءٌ أراده، ولا يَمْتنِعُ عليه شيءٌ طلَبه.


(١) في س: "فتستروه".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قال".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٣١ (٣٣٨٩) من طريق عمرو به.
(٤) في ت ١، س: "فإنما".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إذ".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "والعقوبة".