للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجْهٍ لك هذا الذي أرَى عندَكِ من الرزقِ؟ قالت مريمُ مُجِيبَةٌ له: ﴿هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾. تعنى أن الله هو الذي رزَقَها ذلك، فَساقَه إليها وأعطاها.

وإنما كان زكريا يقولُ ذلك لها؛ لأنه كان - فيما ذُكر لنا - يُغْلِقُ عليها سبعةَ أبوابٍ، ويَخْرُجُ ثم يدخُلُ عليها، فيَجِدُ عندَها فاكهةَ الشتاءِ في الصيفِ، وفاكهةَ الصيفِ في الشتاء، فكان يَعْجَبُ مما يرى من ذلك، ويقولُ لها تَعَجُّبًا مما يرَى: أَنَّى لكِ هذا؟ فتقولُ: مِن عندِ اللهِ.

حدَّثني بذلك المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيع (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: ثنى بعضُ أهل العلمِ. فذَكَر نحوه.

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾. قال: فإنه وَجَد عندَها الفاكهة الغَضَّةَ حينَ لا تُوجَدُ الفاكهةُ عند أحدٍ، فكان زكريا يقولُ: يا مريمُ أَنَّى لكِ هذا (٢)؟

وأما قولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. فخبرٌ من اللهِ أنه يسوقُ إلى مَن يَشَاءُ مِن خَلْقِهِ رِزْقَه بغير إحصاءٍ ولا عددٍ يُحاسِبُ عليه عبدَه؛ لأنَّه جلَّ ثناؤه لا يَنْقُصُ سَوْقُه ذلك إليه كذلك خَزائنه، ولا يَزِيدُ إعطاؤُه إياه ومُحاسَبَتُه


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٤٠ عقب الأثر (٣٤٤٦) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٤٠ (٣٤٤٩) عن محمد بن سعد به.