للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعيدِ اللهِ، وخوفَ عقابِه، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾. يعنى: فإن اللَّهَ يُحِبُّ الذين يَتَّقونه، فيَخافون عقابَه، ويَحْذَرون عذابَه، فيَجْتَنِبون ما نهاهم عنه وحرَّمه عليهم، ويُطيعونه فيما أمَرَهم به.

وقد رُوِى عن ابن عباسٍ أنه كان يقولُ: هو اتِّقاءُ الشرْكِ.

حدَّثني المُثنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثنا معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى﴾. يقولُ: اتَّقَى الشرْكَ، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾. يقولُ: الذين يتَّقُون الشرْكَ (١).

وقد بيَّنَّا اختلافَ أهلِ التأويلِ في ذلك، والصوابَ مِن القولِ فيه بالأدلةِ الدالةِ عليه فيما مضَى مِن كتابِنا، بما فيه الكفايةُ عن إعادتِه (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧)﴾.

يعنى بذلك جل ثناؤُه: إن الذين يَسْتَبْدِلون بترْكِهم عهدَ اللهِ الذي عهِد إليهم، ووصيتَه التي أَوْصاهم بها في الكتبِ التي أنْزَلها اللهُ إلى أنبيائِه، باتِّباعِ محمدٍ وتصديقِه، والإقرارِ به، وما جاء به مِن عندِ اللهِ، وبأيمانِهم الكاذبةِ التي يَسْتَحِلُّون بها ما حرَّم اللهُ عليهم مِن أموالِ الناسِ التي ائْتُمِنوا عليها، ﴿ثَمَنًا﴾. يعنى: عِوَضًا وبَدَلًا، [﴿قَلِيلًا﴾. يقولُ] (٣): خَسيسًا مِن عَرَضِ الدنيا وحُطامِها، ﴿أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾. يقولُ: فإن الذين يَفْعَلُون ذلك لا حظَّ لهم في خَيْراتِ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٤٤، إلى المصنف.
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٢٣٧، ٢٣٨، ٣٨٦.
(٣) سقط من: م.