للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بغَاك وما تَبْغِيه حتى وجَدْتَهُ … كأنك قد وَاعَدْتَه أَمسِ مَوْعِدَا

يعنى: طَلَبَك وما تطلبه

يقالُ: ابْغِنى كذا. يُرادُ: ابْتَغِه لى. فإذا أرادوا: أَعِنِّي على طلبِه وابْتَغِه معى. قالوا: أَبْغِنى. بفتحِ الألفِ. وكذلك يقالُ: احْلِبْنى. بمعنى: اكْفِني الحَلْبَ. وأَحْلِبْني: أعنِّى عليه. وكذلك جميعُ ما ورَد من هذا النوعِ فعلى هذا.

وأما العِوَجُ فهو الأَوَدُ والمَيْلُ. وإنما يعنى بذلك الضلالَ عن الهدَى. يقولُ جلَّ ثناؤُه: لمَ تصدُّون عن دينِ اللَّهِ مَن صَدَّق الله ورسولَه، تَبْغون دينَ اللَّهِ اعوجاجًا عن سَنَنِه واستقامته.

وخرج الكلامُ على "السبيل" والمعنى لأهلِه. كأن المعنى: تَبْغون لأهلِ دينِ اللهِ ولمن هو على سبيلِ الحقِّ، ﴿عِوَجًا﴾. يقولُ: ضلالًا عن الحقِّ، وزَيْغًا عن الاستقامةِ على الهدى والمحجَّةِ.

والعِوَجُ بكسرِ أولِه: الأودُ في الدينِ والكلامِ. والعَوَجُ بفتحِ أولِه: المَيْلُ في الحائطِ والقناةِ وكلِّ شيءٍ منتصبٍ قائمٍ.

وأمَّا قولُه: ﴿وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ﴾. فإنه يعنى: شهداءَ على أن الذي تصُدُّون عنه من السبيل حقٌّ، تعلَمونه وتجدونه في كتبِكم. ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾. يقولُ: ليس اللهُ بغافلٍ عن أعمالِكم التي تَعْمَلونها مما لا يَرْضاه لعبادِه، وغيرِ (١) ذلك من أعمالِكم، حتى يُعاجلَكم بالعقوبِة عليها مُعجَّلةً، أو يُؤخِّرَ ذلك لكم حتى تَلْقَوه فيُجازيكم عليها.

وقد ذُكر أن هاتين الآيتين من قولِه ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ


(١) في ص، ت ١: "عن".