للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجَدْتُموهم، إلا الذين يَصِلُون إلى قومٍ بينكم وبينَهم ميثاقٌ، أو: إلا الذين جاءوكم منهم قد حصِرَت صدورُهم عن (١) أن يُقاتِلوكم أو يُقاتِلوا قومَهم، فدخَلوا فيكم.

ويعنى بقوله: ﴿حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾: ضاقَت صدورهم عن (١) أن يُقاتلوكم أو يُقاتلوا قومَهم. والعربُ تقولُ لكلِّ مَن ضاقَت نفسُه عن شيءٍ مِن فعلٍ أو كلامٍ: قد حصِرَ. ومنه الحَصَرُ في القراءةِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسين، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾. يقولُ: رجعوا فدخلوا فيكم، ﴿حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾. يقولُ: ضاقَت صدورُهم ﴿أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ﴾ (٢).

وفى قوله: ﴿أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾. متروكٌ تُرك ذكرُه لدَلالةِ الكلامِ عليه؛ وذلك أن معناه: أو جاءوكم قد حصرَت صدورُهم. فتُرك ذكرُ "قد"؛ لأن من شأنِ العربِ فعلَ مثلِ ذلك، تقولُ: أتاني فلانٌ ذهَب عقلُه. بمعنى: قد ذهَب عقلُه. ومَسْموعٌ منهم: أَصْبَحْتُ نظَرْتُ إلى ذاتِ التَّنانير (٣). بمعنى: قد نظَرْتُ. ولإضمارِ "قد" مع الماضي جاز وضْعُ الماضي من الأفعالِ في مواضعِ (٤)


(١) في الأصل: "على".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠٢٧، ١٠٢٨ (٥٧٥٨، ٥٧٦١) من طريق أحمد بن مفضل به.
(٣) ذات التنانير: أرض بين الكوفة وبلاد غطفان. معجم ما استعجم ١/ ٣٢٠.
(٤) في م: "موضع".