للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممَّن كان أبواه على ملَّةٍ من الملل سوى الإسلام ووُلد [بينهما وهما] (١) كذلك، ثم لم يُسلِما ولا واحدٌ منهما حتى أُعتِق في كفَّارة الخطأ. فأما مَن وُلد بين أبوين مسلمين، فقد أجْمَع الجميعُ مِن أهل العلمِ أنه وإن لم يَبْلُغ حدَّ الاختيارِ والتمييز، ولم يُدْرِك الحلُم، فمحكومٌ له بحكم أهل الإيمان في المُوارثة، والصلاة عليه إن مات، وما يَجِبُ عليه إن جَنَى، ويَجِبُ له إن جُنى عليه، وفى المُناكحةِ، فإذ كان ذلك من جميعِهم إجماعًا، فواجبٌ أن يكونَ له من الحكم فيما يُجْزِئُ فيه من كفارة الخطأ إذا أُعتِق فيها، من حكم أهلِ الإيمان - مثلُ الذي له من حكم الإيمان (٢) في سائر المعانى التي [ذكرنا غيرها] (٣). ومَن أَبَى ذلك عُكِس عليه الأمرُ فيه، ثم سُئِل الفرق بين ذلك من أصلٍ أو قياسٍ، فلن يقول في شيءٍ مِن ذلك قولًا إلا أُلْزِم في غيره مثله.

وأما الديةُ المُسَلَّمةُ إلى أهل القَتيلِ، فهى المدفوعةُ إليهم على ما وجَب لهم، مُوَفَّرةً غيرَ مُنتَقَصةٍ حقوقُ أهلها (٤) منها. وذُكر عن ابن عباسٍ أنه كان يقولُ: هي الموفرة.

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ، قال: قال ابن عباس قوله: (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ). قال: موفَّرةٌ (٥).

وأما قولُه: ﴿إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾. فإنه يَعْنى به: إلا أن يَتَصَدَّقوا بالدَّية على القاتلِ أو على عاقلتِه. فأُدغمت التاءُ من قوله: يَتَصَدَّقوا. في الصادِ، فصارتا صادًا


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يتيما وهو".
(٢) بعده في ص، ت ١: "بمثل الذي له من حكم الإيمان".
(٣) في م: "ذكرناها وغيرها".
(٤) في م: "أهلهم".
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٩٣ إلى المصنف وابن المنذر.