للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾. يَقُولُ: يَجِدِ الله ساتِرًا عليه ذنبَه بصفحِه له عن عقوبةِ (١) جُرمِه، رحيمًا به.

واختلَف أهلُ التأويلِ فيمن عُنِى بهذه الآيةِ؛ فقال بعضُهم: عُنِى بها الذين وصفَهم اللهُ بالخيانة بقولِه: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾.

وقال آخرون: عُنِى بها الذين كانوا (٢) يجادلون عن الخائنين الذين قال اللهُ لهم: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. وقد ذكَرنا قائلى القولَين كليهما فيما مضَى.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا: أنه عُنِى بها كلُّ مَن عَمِل سُوءًا أو ظلَم نفسَه، وإن كانت نزَلت في أمرٍ الخائنين والمجادِلين عنهم، الذين ذكَر اللهُ أمرَهم في الآياتِ قبلَها.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا ابن أبى عديٍّ، عن شعبةَ، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، قال: قال عبدُ اللهِ: كانت بنو إسرائيلَ إذا أصاب أحدُهم ذنبًا أصبح قد كُتِب كفارةُ ذلك الذنبِ على بابِه، وإذا أصاب البولُ شيئًا منه قرَضه بالمقراضِ (٣). فقال رجلٌ: لقد آتَى اللهُ بنى إسرائيلَ خيرًا. فقال عبدُ اللهِ: ما آتاكم اللهُ خيرٌ مما آتاهم؛ جعَل اللهُ الماءَ لكم طهورًا، وقال: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ


(١) في م: "عقوبته".
(٢) سقط من: م.
(٣) في الأصل: "بالمقراضين".