للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ بَرِيئًا﴾ (١). يَعْنى: ثم يُضيفُ (٢) [ما أتَى] (٣) مِن خطئِه أو إثمِه الذي تَعَمَّده بريئًا مما أضافه إليه، ونحَله إياه، ﴿فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾. يَقُولُ: فقد تَحمَّلَ بفعلِه ذلك فِرْيةً وكذبًا وإثمًا عظيمًا، يقولُ: وجُرْمًا عظيمًا على علمٍ منه وعَمْدٍ لما أتَى مِن معصيتِه وذنبِه.

واختلَف أهلُ التأويلِ فيمن عنَى اللهُ بقولِه: ﴿بَرِيئًا﴾. بعدَ إجماعِ جميعِهم على أن الذي رمَى البرئَ بالإثم الذي كان أتاه ابن أُبَيْرِقٍ: الذي وصَفنا شأنَه قبلُ؛ فقال بعضُهم: عَنى اللهُ ﷿ بالبرئِ رجلًا مِن المسلمين يُقال له: لبيدُ بنُ سهلٍ.

وقال آخرون: بل عنَى به رجلًا مِن اليهودِ يُقال له: زيدُ بنُ السَّمِينِ. وقد ذكَرنا الروايةَ عمن قال ذلك فيما مضَى، وممن قال: كان يَهُوديًّا، ابن سيرينَ.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا غُنْدَرٌ، عن شعبةَ، عن خالدٍ الحذاءِ، عن ابن سيرينَ: ﴿ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾، قال: يهوديًّا (٤).

حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا بَدَلُ بنُ المُحبَّرِ، قال: ثنا شعبةُ، عن خالدٍ الحذَّاءِ، عن ابن سِيرينَ مثلَه (٤).

وقيل: ﴿ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾، بمعنى: ثم يَرْمِ بالإثمِ الذي أتى هذا الخائنُ مَن هو برئٌ مما رمَاه به، فالهاءُ في قولِه ﴿بِهِ﴾ عائدةٌ على الإثمِ، ولو جُعِلت كنايةٌ مِن ذكرِ الإثمِ والخَطيئةِ كان جائزًا؛ لأن الأفعالَ وإن اختلَفت العباراتُ عنها فراجعةٌ إلى


(١) بعده في م: "يعنى بالذي تعمده بريئا".
(٢) في م: "يصف".
(٣) في ص، ت ١ ت ٢، س: "ما له". وبعده في الأصل: "من أتى".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٠٦٣ (٥٩٥٢) من طريق شعبة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٢٠ إلى ابن المنذر.