للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى واحدٍ بأنها فعلٌ.

وأما قولُه: ﴿فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾. فإن معناه: فقد تَحمَّل هذا الذي رمَى بما أتى مِن المعصيةِ، وركِب مِن الإثمِ والخطيئةِ مَن هو برئٌ مما رماه به مِن ذلك ﴿بُهْتَانًا﴾ - وهو الفِرْيةُ والكَذِبُ - ﴿وَإِثْمًا مُبِينًا﴾، يَعْنى: وِزرًا (١) مبينًا، يعنى أنه يُبِينُ عن أمرِ مُتَحمِّله (٢) وجُرأتِه على ربِّه، وتَقَدُّمِه على خلافِه فيما نهاه عنه لمن يَعْرِفُ أمرَه.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (١١٣)﴾.

قال أبو جعفرٍ، ﵀: يَعْنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ﴾. ولولا أن الله تَفَضَّل عليك يا محمدُ فعصَمك بتوفيقِه وتِبيانِه لك أمرَ هذا الخائنِ، فكَفَفْتَ لذلك عن الجدالِ عنه، ومدافعةِ أهلِ الحقِّ عن حقِّهم قِبَلَه، ﴿لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ﴾. يَقُولُ: لهمَّت فرقةٌ منهم، يَعْنى: مِن هؤلاءِ الذين يَخْتَانُون أنفسَهم ﴿أَنْ يُضِلُّوكَ﴾. يَقُولُ: يُزِلُّوك عن طريقِ الحقِّ، وذلك لتلبِيسِهم أمرَ الخائنِ عليه ﷺ، وشَهادتِهم للخائنِ عندَه بأنه برئٌ مما ادُّعِى عليه، ومسألتِهم إياه أن يَعْذِرَه، ويَقُومَ بمعذِرتِه في أصحابِه، فقال اللهُ ﵎: وما يُضِلُّ هؤلاء الذين همُّوا بأن يُضِلوك عن الواجبِ مِن الحكمِ في أمرِ هذا الخائنِ درعَ جارِه، إلا أنفسَهم.


(١) في الأصل: "زورا".
(٢) في م: "عمله".