للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتسوِيةِ بينَهما في الشهادةِ لهما وعليهما. ﴿فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾. يقولُ: فلا تَتَّبِعوا أهواءَ أنفسِكم في المَيْلِ في شهادتِكم إذا قُمْتُم بها، لغنيٍّ على فقيرٍ، أو لفقيرٍ على غنيٍّ إلى أحد الفريقَين، فتَقولوا غيرَ الحقِّ، ولكن قُوموا فيه بالقِسْطِ، وأدُّوا الشهادةَ على ما أمَركم اللهُ بأدائِها، بالعَدْلِ لَمن شَهِدْتم عليه وله.

فإن قال قائلٌ: وكيف يقومُ بالشهادةِ على نفسِه الشاهدُ بالقِسْطِ؟ وهل يَشْهَدُ الشاهدُ على نفسِه؟

قيل: نعم، وذلك أن يكونَ عليه حقٌّ لغيرِه، فيُقِرَّ له به، فذلك قيامٌ منه له بالشهادةِ على نفسِه. وهذه الآيةُ عندى تأديبٌ مِن اللهِ جلّ ثناؤه للمؤمنين، أن يفعَلوا ما فعَله الذين عَذَروا بنى أُبَيْرِقٍ في سرقتِهم ما سَرَقوا، وخيانتِهم ما خانوا مَن [ذكَرْنا قبلُ] (١) عندَ رسولِ اللهِ ﷺ، وشهادتِهم لهم عندَه بالصلاحِ، فقال لهم: إذا قُمْتُم بالشهادةِ لإنسانِ أو عليه، فقُوموا (٢) فيها بالعَدْلِ، ولو كانت شهادتُكم على أنفسِكم وآبائِكم وأمهاتِكم وأقْرِبائِكم، ولا يَحْمِلَنَّكم غِنَى مَن شَهِدتم له أو فَقْرُه أو قَرابتُه ورَحِمُه منكم على الشهادةِ له بالزُّورِ، ولا على تَرْكِ الشهادةِ عليه بالحقِّ وكِتْمانِها.

وقد قيل: إنها نَزَلَت تأديبًا لرسولِ اللَّهِ ﷺ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحُسَينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ في قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾. قال:


(١) في م: "ذكر ما قيل".
(٢) في ص، ت ٢: "فقولوا".