للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به ميثاقَهم من العملِ بما فى التوراةِ والإنجيلِ فى تصديقِ محمدٍ ﷺ، وما جاءهم به من عنِد اللهِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ: الله: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾. قال: العهودُ التى أخَذها اللهُ على أهلِ الكتابِ أن يعمَلوا بما جاءهم (١).

حدثني المثنى، قال: ثني أبو صالحٍ، قال: ثنا الليثُ، قال: ثنى يونسُ، قال: قال محمدُ بنُ مسلمٍ: قرَأتُ كتابَ رسولِ اللهِ ﷺ الذى كتَب لعمرِو بنِ حَزْمٍ حينَ بعثَه على (٢) نَجْرانَ (٣)، فكان الكتابُ عندَ أبى بكرِ بنِ حَزْمٍ، فيه: هذا بيانٌ من اللهِ ورسولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾. فكتَب الآياتِ منها، حتى بلَغ: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ (٤) [المائدة: ٤].

وأولى الأقوالِ فى ذلك عندَنا بالصوابِ ما قاله ابنُ عباسٍ، وأن معناه: أوْفُوا أيها المؤمنون بعقودِ الله التى أَوْجَبها عليكم وعقَدها، فيما أحلَّ لكم وحرَّم عليكم، وألْزمكم فَرْضَه، وبيَّن لكم حدودَه.

وإنما قلنا: ذلك أولى بالصوابِ من غيرِه من الأقوالِ؛ لأن اللهَ جلَّ ثناؤه أتْبَع ذلك البيانَ عما أحلَّ لعبادِه وحرَّم عليهم، وما أوْجب عليهم من فرائِضه، فكان معلومًا بذلك أن قولَه: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾. أمرٌ منه عبادَه بالعملِ بما ألْزَمهم من


(١) ينظر التبيان ٣/ ٤١٥، وتفسير البغوى ٣/ ٦.
(٢) فى م: "إلى".
(٣) نجران: قبيلة فى مخاليف اليمن من ناحية مكة. البلدان ٤/ ٧٥١.
(٤) ينظر تاريخ المصنف ٣/ ١٢٨، ودلائل النبوة للبيهقى ٥/ ٤١٣، وتفسير ابن كثير ٣/ ٥.