للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقتلُه أخاه (١)

وكأنَّ قائلى هذه المقالةِ وَجَّهوا تأويلُ قولِه: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾. أَي: إنى أريدُ أن تبوءَ بإثمِ قتلى. فحَذَف و "القتلَ"، واكتفى بذِكْرِ "الإثم"، إذ كان مفهومًا معناه عندَ المُخاطَبين به.

وقال آخرون: معنى ذلك: إني أريدُ أن تبوءَ بخطيئتي، فتَتَحَمَّلَ وِزْرَها، وإثمِك في قتلِك إيَّاى.

وهذا قولٌ وَجَدتُه عن مجاهدٍ، وأخشَى أن يكونَ غلطًا؛ لأن الصحيحَ مِن الروايةِ عنه ما قد ذَكَرْنا قبلُ.

ذكرُ مِن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾. يقولُ: إني أريدُ أن تكون عليك خطيئتي ودمى، فتَبُوءَ بهما جميعًا (٢).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أن يقالَ: إن تأويلَه: إني أريدُ أن تَنْصَرِفَ بخطيئتِك في قتلِك إيَّايَ. وذلك هو معنى قولِه: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي﴾. وأما معنى ﴿وَإِثْمِكَ﴾. فهو إثمُه بغيرِ قتلِه، وذلك معصيةُ اللهِ جلَّ ثناؤُه في أعمالٍ سواه.

وإنما قلنا: ذلك هو الصوابُ؛ لإجماعِ أهلِ التأويلِ عليه، لأن الله عزَّ ذكرُه قد أَخْبَرَنا أن كلَّ عاملٍ فجزاءُ عملِه له أو عليه، وإذا كان ذلك حكمه في خَلْقِه، فغيرُ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٧٤ إلى المصنف.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٨١ عن شبل به.