للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آبائِهم وأجدادِهم، وخالقُ أوثانِهم وأصنامِهم وآلهتِهم.

فقال لهم جلَّ ذِكرُه: فالذي خلَقكم وخلَق آباءَكم وأجدادَكم وسائرَ الخلقِ غيرَكم، وهو يقدِرُ على ضَرِّكم ونَفعِكم، أَوْلى بالطاعةِ ممَّن لا يقدِرُ لكم على نَفْعٍ ولا ضَرٍّ.

وكان ابنُ عباسٍ فيما رُوِي لنا عنه يقولُ في ذلك نظيرَ ما قُلنا فيه، غيرَ أنه ذُكِر عنه أنه كان يقولُ في معنى: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾: وحِّدوا رَبَّكم.

وقد دلَّلنا فيما مضَى مِن كتابِنا هذا على أن معنى العبادةِ؛ الخضوعُ للهِ بالطاعةِ، والتذلُّلُ له بالاستكانةِ (١).

والذي أراد ابنُ عباسٍ - إن شاء اللهُ - بقولِه في تأويلِ قولِه: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾: [وحِّدوه. أي] (٢): أَفْرِدوا الطاعةَ والعبادةَ لرَبِّكم دونَ سائرِ خلقِه.

حدَّثنا محمدُ بنُ حُميدٍ، قال: حدَّثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ أبي محمدٍ مولى زيدٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: قال اللهُ جلَّ ذكرُه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُم﴾: للفريقين جميعًا من الكفارِ والمنافقين، أي: وحِّدوا ربَّكم الذي خلَقكم والذين مِن قبلِكم (٣).

وحدَّثني مُوسى بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا عمرو بنُ حمادٍ، قال حدَّثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ في خبرٍ ذكَره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابنِ عباسٍ، وعن مُرَّةَ الهمدانيِّ، عن ابنِ مسعودٍ، وعن ناسٍ مِن أصحابِ النبيِّ : ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ


(١) ينظر ما تقدم في ص ١٥٩.
(٢) في ص: "وحدوا له".
(٣) سيرة ابن هشام ١/ ٥٣٣، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٥٩؛ ٦٠ (٢١٥، ٢١٦) من طريق سلمة به.