للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾. [يقولُ: خلَقكم وخلَق الذين مِن قبلِكم (١).

قال أبو جعفرٍ] (٢): وهذه الآيةُ مِن أدلِّ الدليلِ على فسادِ قولِ مَن زعَم أن تكليفَ ما لا يُطاقُ إلَّا بمعونةِ اللهِ غيرُ جائزٍ، إلَّا بعدَ إعطاءِ الله المكلَّفَ المعونةَ على ما كلَّفه، وذلك أن اللهَ جلَّ وعزَّ أمَر مَن وصَفْنا بعبادتِه والتوبةِ مِن كفرِه، بعدَ إخبارِه عنهم أنهم لا يؤمنون، وأنهم عن ضلالتهم لا يَرْجِعون.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)﴾.

وتأويلُ ذلك: لعلَّكم تَتَّقون بعبادتِكم ربكم الذي خلَقكم، وطاعتِكم إيَّاه فيما أمَركم به ونهاكم عنه، وإفرادِكم له بالعبادةِ (٣) - سخطَه وغضبَه أن يَحُلَّ عليكم (٤)، وتكونوا مِن المتقين الذين رَضِي عنهم ربُّهم.

وكان مجاهدٌ يقولُ في تأويلِ قولِه: ﴿تَتَّقُونَ﴾: تُطيعون.

حدَّثنا ابنُ وكيع، قال: حدَّثني أبي، عن سفيانَ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. قال: لعلكم تُطيعون (٥).

والذي أظنٌّ أن مجاهدًا أراد بقولِه هذا: لعلكم أن تتَّقوا رَبَّكم بطاعتِكم إيَّاه،


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٦٠ (٢١٧) من طريق عمرو، عن أسباط، عن السدي من قوله.
(٢) سقط من: ص.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "العبادة لتتقوا"، وفي م: "بالعبادة لتتقوا".
(٤) في ر: "بكم".
(٥) تفسير الثوري ص ٤٢، ومن طرف أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٦٠ (٢٢٠)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٤ إلى وكيع وعبد بن حميد وأبي الشيخ.