للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ جلَّ ثناؤُه: فمن تاب مِن هؤلاءِ السُّرَّاقِ. يقولُ: مَن رجَع منهم عمَّا يَكرَهُه اللَّهُ مِن معصيتِه إياه إلى ما يَرضَاه مِن طاعتِه، ﴿مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ﴾. وظلمُه هو اعتداؤُه وعملُه ما نهاه اللَّهُ عنه مِن سَرِقةِ أموالِ الناسِ. يقولُ: ﴿وَأَصْلَحَ﴾ نفسَه بحملِها على مكروهِها في طاعةِ اللَّهِ، والتوبةِ إليه مما كان عليه مِن معصيتِه.

وكان مُجاهِدٌ فيما ذُكِرَ لنا يقولُ: توبتُه في هذا الموضعِ الحدُّ الذي يُقامُ عليه (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمِّى، قال: ثنى أَبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ﴾ [فتاب عليه. يقولُ: الحدُّ] (٢).

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا موسى بنُ داودَ، قال: ثنا ابن لَهِيعَةَ، عن حُيَىٍّ بن عبدِ اللَّهِ، عن أبي عبدِ الرحمنِ الحُبُلِيِّ، عن عبدِ اللَّهِ بن عَمْرٍو، قال: سَرَقت امرأةٌ حَلْيًا، فجاء الذين سَرَقتْهم فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ، سرَقَتنا هذه المرأةُ. فقال رسولُ اللَّهِ : "اقْطَعُوا يدَها اليُمْنَى". فقالت المرأةُ: هل مِن توبةٍ؟ فقال رسولُ اللَّهِ : "أنتِ اليومَ من خطيئتِك كيومِ ولَدَتْكِ أُمُّكِ". قال: فأنزَلَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾ (٣).

وقولُه: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾. يقولُ: فإن اللَّهَ جلَّ وعزَّ يَرجِعُه إلى ما يُحِبُّ ويَرضَى، عما يَكْرَهُ (٤) ويَسخَطُ مِن مَعصيتِه.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٨١ إلى عبد بن حميد.
(٢) في م: "يقول: فتاب عليه بالحد".
(٣) أخرجه أحمد ١١/ ٢٣٧ (٦٦٥٧) من طريق ابن لهيعة به نحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٨١ إلى ابن أبي حاتم.
(٤) في م: "يكرهه".