للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هم فيها خالدون، جزاء كلِّ محسنٍ في قبله وفعله، وإحسانُ المحسن في ذلك أن يُوحِّدَ الله توحيدًا خالصًا مَحْضًا، لا شركَ فيه، ويُقِرَّ بأنبياء الله وما جاءت به من عندِ الله من الكتب، ويؤدِّي فرائضَه، ويجتنِبَ معاصيَه، فذلك كمالُ إحسان المحسنين الذين قال الله تعالى ذكرُه: ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾.

القول في تأويل قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (٨٦)﴾.

يقول تعالى ذكره: وأما الذين جحدوا توحيد الله، وأنكَروا نبوة محمدٍ Object، وكذَّبوا بآيات كتابه، فإن ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾. يقولُ: هم سكانُها واللابِثون فيها.

والجحيمُ ما اشْتَدَّ من النار، وهو الجاحِمُ والجحيمُ.

القولُ في تأويل قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يا أيُّها الذين صدَّقوا الله ورسوله، وأقرُّوا بما جاءهم به نبيُّهم أنه حقٌّ من عندِ اللهِ، ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾. يعني بالطيبات: اللذيذات التي تشتهيها النفوسُ وتميلُ إليها القلوبُ، فتمْنَعوها إيَّاها، كالذى فعله القسِّيسون والرهبانُ، فحرَّموا على أنفسهم النساءَ والمطاعم الطيبة، والمشاربَ اللذيدةَ، وحبس في الصوامع بعضُهم أنفسهم، وساح في الأرضِ بعضُهم. يقول تعالى ذكرُه: فلا تفعلوا أيها المؤمنون كما فعل أولئك، ولا تعتدوا حدَّ الله الذي حَدَّ لكم فيما أحلَّ لكم وفيما حرَّم عليكم، فتُجاوِزُوا حدَّه الذي حدَّه (١)، فتخالفوا بذلك طاعته، فإن الله لا يحبُّ من اعتدى حدَّه الذي حدَّه لخلقه


(١) سقط من: ص.