للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عوفٌ، عن سوَّارِ بن شَبيبٍ، قال: كنتُ عندَ ابن عمرَ، إذ أتاه رجلٌ جَليدٌ في العينٍ، شديدُ اللسانٍ، فقال: يا أبا عبدِ الرحمنِ نحن ستةٌ، كلُّهم قد قرَأ (١) القرآنَ فَأَسْرَع فيه، وكلهم مجتهدٌ لا يألو، وكلُّهم بغيضٌ إليه أن يأتىَ دناءةٍ وهم في ذلك يشهَدُ بعضُهم على بعضٍ بالشركِ؟ فقال رجلٌ من القومِ: وأيَّ دناءةٍ تُرِيدُ (٢) أكثرَ من أن يشهَدَ بعضُهم على بعضٍ بالشركِ؟ قال: فقال الرجلُ: إني لستُ إياك أسألُ، أنا أسألُ الشيخَ. فأعاد على عبدِ اللَّهِ الحديثَ، فقال عبدُ اللهِ بنُ عمرَ: لعلك ترى، لا أبا لك، أنى سآمرُك أن تذهَبَ [أَن تَقْتُلَهم] (٣)؟! عِظْهم وانهَهم، فإن عَصَوْك فعليك بنفسِك، فإن الله تعالى يقولُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٤).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسنِ، أن ابنَ مسعودٍ سأله رجلٌ عن قولِه: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾. قال: إن هذا ليس بزمانِها، إنها اليومَ مقبولةٌ، ولكنه قد أَوْشَك أن يأتيَ زمانُها (٥)؛ تأمرون بالمعروفِ فيُصنعُ بكم كذا وكذا - أو قال: فلا يُقْبَلُ منكم - فحينئذٍ: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ (٦).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عن


(١) في م: "قرءوا".
(٢) في م: "تزيد".
(٣) في م: "فتقتلهم".
(٤) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٢٠٩ عن المصنف، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٤١ إلى ابن مردويه.
(٥) في م: "زمان".
(٦) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٩٩.