للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذ كان معلومًا أن قولَه: ﴿لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾. إنما معناه: قَسَمُنا أحقُّ مِن قسَمِهما. وكان قسَمُ اللذين عُثِر على أنهما أثِما، هو الشهادةَ التي ذكَر اللهُ تعالى ذكرُه في قولِه: ﴿أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾ - صحَّ أن معنى قولِه: ﴿شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾. بمعنى الشهادةِ في قولِه: ﴿لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾. وأنها بمعنى القسم.

واخْتَلَفَت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ﴾؛ فقرَأ ذلك قرأةُ الحجازِ والعراقِ والشامِ (مِن الذين استُحِقَّ عليهم الأَوْلَيان). بضمِّ التاءِ (١).

ورُوِى عن عليٍّ وأبيِّ بن كعبٍ والحسنِ البصريِّ أنهم قرَءوا ذلك: ﴿مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ﴾. بفتح التاءِ (٢).

واخْتَلَفَت أيضًا في قراءةِ قولِه: ﴿الْأَوْلَيَانِ﴾؛ فقرَأَته عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ والشامِ والبصرةِ: ﴿الْأَوْلَيَانِ﴾ (٣).

وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ أهلِ الكوفةِ: "الأوَّلِينَ" (٤).

وذُكِر عن الحسنِ البصريِّ أنه كان يَقْرَأُ ذلك: (من الذين استَحَقَّ عليهم الأَوَّلان) (٥).

وأولى القراءتين بالصوابِ في قولِه: ﴿مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ﴾. قراءةُ مَن


(١) بضم التاء قرأ نافع وابن كثير - في رواية - وابن عامر وأبو عمرو والكسائي وحمزة، وأبو بكر عن عاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٢٤٨.
(٢) وهى قراءة حفص عن عاصم. المصدر السابق.
(٣) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر والكسائي، وحفص عن عاصم. السبعة ص ٢٤٨، وينظر التيسير ص ٨٣.
(٤) وهى قراءة حمزة، وأبى بكر عن عاصم. المصدر السابق.
(٥) والقراءة شاذة، كما سيذكر المصنف في ص ٩٩. وينظر البحر المحيط ٤/ ٤٥.