للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُقْبَلْ منها. وقال: لأنَّما (١) التوبةُ في الحياةِ.

وليس لِمَا قال مِن ذلك معنىً؛ وذلك أن كلَّ تائبٍ في (٢) الدنيا فإن اللهَ تعالى ذكرُه يَقْبَلُ توبتَه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وهؤلاء الذين إن فَدَوْا أنفسَهم مِن عذابِ اللهِ يومَ القيامةِ كلَّ فِداءٍ، لم يُؤْخَذْ منهم، هم ﴿الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُواْ﴾. يقولُ: أُسْلِموا لعذابِ اللهِ، فرُهِنوا به؛ جَزاءً بما كسَبوا في الدنيا مِن الآثامِ والأوزارِ ﴿لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ﴾. والحَميمُ هو الحارٌّ في كلامِ العربِ، وإنما هو مَحمومٌ صُرِف إلى فَعيلٍ، ومنه قيل للحَمَّامِ: حَمَّامٌ. لإسخانِه الجسمَ، ومنه قولُ مُرَقِّشٍ (٣):

في كلِّ مُمْسًى لها مِقْطَرَةٌ (٤) … فيها كِباءٌ (٥) مُعَدٌّ وحَمِيمْ

يعني بذلك ماءً حارًّا. ومنه قولُ أبي ذُؤَيْبٍ الهُذَليِّ في صفةِ فرسٍ (٦):

تَأْبِى بدِرَّتِها (٧) إذا ما اسْتُغْضبت (٨) … إلا الحَمِيمَ فإنه يَتَبَضَّعُ (٩)


(١) في ص، ت ١، س: (لأنها). وفي م، ت ٢، ت ٣: (إنها). والمثبت من مجاز القرآن.
(٢) سقط من: ص، ت ١، س.
(٣) المفضليات ص ٢٤٨.
(٤) المقطرة: المجمرة. اللسان (ق ط ر). والبيت فيه.
(٥) الكباء: ضرب من العود والدخنة. اللسان (ك ب ي).
(٦) ديوان الهذليين ١/ ١٧.
(٧) الدرة: درة العدو، أي: تأبى أن تدّر بما عندها من الجري إذا استغضبتها. شرح أشعار الهذليين ١/ ٣٥.
(٨) في ص، ت ٢، ت ٣، س: (استصعبت)، وهي رواية، وفي ت:١: (استعصيت). ورواية الديوان: (استكرهت).
(٩) يتبضع: يتبزل ويتفجر ويتفتح بالعرق، ويرشح به الجلد على كره. المصدر السابق.