للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾.

يقول تعالى ذكره لنبيِّه محمدٍ: قل يا محمدُ لهؤلاء المشركين الذين يَتَجَرَّدون من ثيابهم للطواف بالبيت، ويُحَرِّمون أكل طيبات ما أحلَّ الله لهم من رزقه: أَيُّها القومُ، إن اللَّهَ لم يُحَرِّمُ ما تُحَرِّمونه، بل أحلَّ ذلك لعباده المؤمنين وطيَّبه لهم، وإنما حرَّم ربى القبائح من الأشياء، وهى الفواحش، ما ظهر منها فكان علانيةً، وما بطن منها فكان سرًا في خَفاءٍ.

وقد روى عن مجاهدٍ في ذلك ما حدَّثني الحارث، قال: ثنى عبد العزيز، قال: ثنا أبو سعدٍ (١)، قال: سمِعْتُ مجاهدًا يقولُ في قوله: ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾. قال: ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾: طوافُ أهل الجاهلية عُراةً، ﴿وَمَا بَطَنَ﴾: الزنا (٢).

وقد ذكرتُ اختلاف أهل التأويل في تأويل ذلك بالروايات فيما مضى، فكرهتُ إعادته (٣).

وأما الإثمُ فإنه المعصيةُ، والبغى الاستطالةُ على الناس. يقولُ تعالى ذكره: إنما حرَّم ربى الفواحش مع الإثم والبغى على الناس.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن


(١) في ت ١، ت ٢ ت ٣: "سعيد".
(٢) ذكر ابن أبي حاتم آخره في تفسيره ٥/ ١٤٧٠ عقب الأثر (٨٤١٨) معلقا.
(٣) تقدم في ٩/ ٦٥٩ - ٦٦١.