للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى السبتِ الآخرِ، فدعا موسى ربَّه، فرفَع عنهم الماءَ، فأعشبت بلادُهم مِن ذلك الماءِ، فأقاموا شهرًا في عافيةٍ، ثم جحَدوا وقالوا: ما كان هذا الماءُ إلا نعمةً علينا وخِصْبًا لبلادِنا، ما نحبُّ أنه لم يكنْ - قال: وقد قال قائلٌ لابنِ عباسٍ: إني سألتُ ابنَ عمرَ عن الطُّوفانِ. فقال: ما أدرى موتًا كان أو ماءً. فقال ابن عباسٍ: أما يقرأُ ابن عمرَ سورةَ "العنكبوتِ" حين ذكَر اللهُ [قومَ نوحٍ] (١) فقال: ﴿فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ١٤]. أرأيتَ لو ماتوا، إلى مَن جاء موسى Object بالآياتِ الأربعِ بعدَ الطوفانِ؟ - قال: فقال موسى: يا ربِّ إن عبادَك نقَضوا عهدى (٢)، وأخلفوا وعدِى، ربِّ خُذْهم بعقوبةٍ تجعلُها لهم نقمةً، ولقومى عِظةً، ولمن بعدَهم آيةً في الأممِ الباقيةِ. قال: فبعَث اللهُ عليهم الجرادَ فلم يدعْ لهم ورقةً ولا شجرةً ولا زهرةً ولا ثمرةً إلا أكَله، حتى لم يُبْقِ جَنًى، حتى إذا أفنى الخَضِرَ كلَّها أكل الخشبَ، حتى أكلَ الأبوابَ وسُقوفَ البيوتِ، وابْتُلى الجرادُ بالجوعِ، فجعَل لا يشبعُ، غيرَ أنه لا يدخلُ بيوتَ بني إسرائيلَ، فعجُّوا وصاحوا إلى موسى، فقالوا: يا موسى هذه المرّةَ ادْعُ لنا ربَّك بما عهِد عندَك لئن كشَفَت عنا الرَّجزَ لنُؤْمِننَّ لك ولنُرْسلنَّ معك بني إسرائيلَ. فأعطَوه عهدَ اللَّهِ وميثاقَه، فدعا لهم ربَّه، فكشَف اللهُ الجرادَ بعدَ ما أقام عليهم سبعةَ (٣) أيامٍ، من السبتِ إلى السبتِ، ثم أقاموا شهرًا في عافيةٍ، ثم عادوا لتكذيبِهم وإنكارِهم ولأعمالِهم أعمالِ السَّوءِ. قال: فقال موسى: يا ربِّ عبادُك قد نقضُوا عهدى وأخلَفوا موعدِى، فخُذْهم بعقوبةٍ تجعلُها لهم نقمةً، ولقومِى عظةً، ولمَن بعدى آيةً في الأممِ الباقيةِ. فأرسل اللهُ عليهم القُمَّلَ - قال أبو بكرٍ: سمِعت سعيدَ بنَ جبيرٍ والحسنَ (٤) يقولان: كان إلى


(١) في الأصل: "قوما".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، س، ف: "عهدك".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س: "تسعة".
(٤) في الأصل: "الحسين".