للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المستدرج، إليه محسنٌ، حتى يُوَرِّطَه مكروهًا.

وقد بيَّنَّا وجه فعل الله ذلك بأهل الكفر به فيما مضَى، بما أغْنَى عن إعادته في هذا الموضع (١).

القولُ في تأويل قوله: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣)﴾.

يقول تعالى ذكره: وأُؤَخِّرُ هؤلاء الذين كَذَّبوا بآياتِنا مِلاوَةً (٢)، بالكسرِ والضَّمِّ والفتح، من الدهر - وهى الحينُ، ومنه قيل: انتظرتُك مَلِيًّا - ليَبْلُغوا بمعصيتهم ربَّهم المقدارَ الذي قد كتبه لهم من العقاب والعذابِ، ثم يَقْبِضُهم إليه. ﴿إِنَّ كَيْدِي﴾. والكيد هو المكرُ، وقوله: ﴿مَتِينٌ﴾. يعني: قويٌّ شديدٌ. ومنه قولُ الشاعرِ (٣):

عَدَلْنَ عُدُولَ النَّاسِ وَامْتَحّ (٤) يَبْتَلِي (٥) … أفانينَ (٦) مِن أُلْهُوبِ (٧) شَدٍّ (٨) مُمَاتِنِ


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٣١٧ - ٣٢٠.
(٢) في م: "ملاءة". والملاوة - مثلثة الميم كما ذكَر المصنِّف - والمَلا والمِلئُ، كله مَدَّةُ العَيْش. وقد تملَّى العيش وملِّيه وأملاه الله إياه وملَّاه وأمْلَى الله له: أمْهَلَه وطول له. اللسان (م ل و).
(٣) لم نستطع العثور عليه.
(٤) في م: "اقبح". وفى ت ١: "افتح". وغير منقوطة في ص، ت ٢، ت ٣، س، ف. وامتحّ: افعلّ من المَتْحِ. قال في التاج: "ومن المجاز: فرس متّاح: طويل مدّاد. أي في السير … ومن المجاز: الإبل تتمتَّح في "سيرها. أي تتروح بأيديها. وفى بعض النسخ: تتراوح" التاج (م ت ح).
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "سلي".
(٦) في م: "أفاس" وفى ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أفاسى"، وغير منقوطة في ص، ف والأفانين جمع أُفْنُون والأفنون: الجرى المختلط من جرى الفرس والناقة. اللسان (ف ن ن).
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "الهرب". وفى م: "الهرّاب". والألهوب أن يجتهد الفرس في عدوه حتى يثير الغبار، والأصل فيه الجرى الشديد الذي يثير اللهب، وهو الغبار الساطع. ويوصف به فيقال: شَدُّ الهوب.
(٨) الشدُّ: العَدو. اللسان (ش د د).