للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ، ويُكْسِبُونها أليمَ عِقابِه، ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾. في حَلِفِهم باللَّهِ: ﴿لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ﴾؛ لأنهم كانوا للخروج مطيقين، بوجودِ السبيل إلى ذلك بالذي كان عندهم من الأموال، مما يَحْتاجُ إليه الغازي في غزوه، والمُسافِرُ في سَفَرِه، وصِحَّةِ الأبْدانِ وقُوَى الأَجْسامِ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا﴾ إلى قوله: ﴿لَكَاذِبُونَ﴾: إنهم يَسْتَطيعون الخروج، ولكن كان تَبْطِئةً من عند أنفسهم والشيطانِ، وزَهَادةً في الخيرِ (١).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأَعْلَى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عَن مَعْمَرٍ، عن قتادة: ﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا﴾. قال: هي غزوة تبوك (٢).

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاق: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾. أي: إنهم يَسْتَطِيعون (٣).

القول في تأويل قوله: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (٤٣)﴾.

وهذا عِتابٌ مِن الله تعالى ذكره، عاتب به نبيَّه في إِذْنِهِ لَمَن أَذِن له في التَّخَلُّفِ عنه، حين شخص إلى تبوك لغزو الروم، مِن المنافقين.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٤٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وفيه: "الجهاد" بدل "الخير".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٧٦ عن معمر به.
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ٥٤٩، وأخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٨٠٥ من طريق سلمة به.