للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كان بعضُ نَحْويِّى البصرة يختارُ الكسرَ في ذلك على الابتداءِ؛ بسببِ دخولِ "الفاءِ" فيها، وأن دخولَها فيها عندَه دليلٌ على أنها جوابُ الجزاءِ، وأنها إذا كانت [جوابَ الجزاءِ] (١)، كان الاختيارُ فيها الابتداءَ.

والقراءةُ التي لا أَسْتَجِيزُ غيرَها فتحُ الألفِ في كلا الحرفَين - أعنى "أنّ" الأولى والثانيةَ - لأن ذلك قراءةُ الأمصارِ، وللعِلَّة التي ذكرتُ من جهة العربيةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (٦٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يَخْشَى المنافقون أن تَنزِلَ فيهم سورةٌ ﴿تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾. يقولُ: تُظهِرُ المؤمنين على ما في قلوبِهم.

وقيل: إن الله أنزَل هذه الآيةَ على رسولِ اللهِ ؛ لأن المنافقين كانوا إذا عابوا رسول اللهِ وذكروا شيئًا مِن أمره وأمرِ المسلمين، قالوا: لعل الله لا يُفْشِى سِرَّنا. فقال اللهُ لنبيِّه محمدٍ : قلْ لهم: ﴿اسْتَهْزِئُوا﴾. مُتَهَدِّدًا لهم مُتَوَعِّدًا، ﴿إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا (٢) تَحْذَرُونَ﴾.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ﴾. قال: يقولون القولَ (٣)


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "للجواب جزاء".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "ما كنتم".
(٣) في م: "للقول".