للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا﴾ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فَرِحَ هؤلاء المُخَلَّفون بمَقْعدِهم خلافَ رسولِ اللهِ، فليَضْحَكوا فَرِحين قليلًا في هذه الدنيا الفانيةِ بمَقْعدِهم خلافَ رسولِ اللهِ، ولَهْوِهم عن طاعةِ ربِّهم، فإنهم سَيَبْكُون طويلًا (٢) في جهنمَ، مكانَ ضحكِهم القليلِ في الدنيا. ﴿جَزَاءً﴾، يقولُ: ثوابًا مِنَّا لهم على معصيتِهم بتَرْكِهم النَّفْرَ إِذ اسْتُنْفِروا إلى عدوِّهم، وقُعودِهم في منازلِهم خلافَ رسولِ اللهِ. ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، يقولُ بما كانوا يَجْتَرِحون من الذنوبِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني أبو السائبِ، قال: ثنا أبو معاويةَ، عن إسماعيلَ، عن أبي رَزِينٍ: ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا﴾، قال: يقولُ اللهُ : الدنيا قليلٌ، فلْيَضحَكوا فيها ما شاءوا، فإذا صاروا إلى الآخرةِ بَكَوا بكاءً لا ينقطعُ. فذلك الكثيرُ (٣).

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا ابن يمانٍ، عن منصورٍ، عن أبي رَزِينٍ، عن الربيعِ بن خُثَيْمٍ (٤): ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا﴾، قال: في الدنيا. ﴿وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا﴾،


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٥٥١.
(٢) في ت ١، ت ٢، س، ف: "كثيرا".
(٣) أخرجه سعيد بن منصور (١٠٢٨ - تفسير)، وابن أبي شيبة ١٣/ ٤١٨، وهناد في الزهد (٤٧٠)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥٥، ١٨٥٦ من طريق أبي معاوية به.
(٤) في م، ف: "خيثم". وينظر تهذيب الكمال ٩/ ٧٠.