للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مبينٌ)؛ وذلك أنهم إنما وَصَفوه بأنه ساحرٌ، [فوَصْفُهم إياه بالسَّحْرِ يَدُلُّ على أَنَّهم قد وَصَفوا ما جاءَهم به بأنَّه سحرٌ] (١)، ووَصْفُهم ما جاءَهم به أنه سحرٌ يدلُّ على أنهم قد وَصَفوه بالسحرِ. وإذ (٢) كان ذلك كذلك، فسواءٌ بأيِّ ذلك قَرَأ القارئُ؛ لاتفاقِ معنى القراءتَين. وفى الكلام محذوفٌ، اسْتُغْنى بدلالةِ ما ذُكر عما تُرِكَ ذكرُه، وهو: فلما بَشَّرَهم وأنْذَرَهم وتَلا عليهم الوحىَ، قال الكافرون: إن هذا الذي جاءَنا به لَسحرٌ مبينٌ.

فتأويلُ الكلام إذًا: أكان (٣) للناسِ عجبًا أن أوْحَينا إلى رجلٍ منهم، أن أنذرِ الناسَ، وبَشِّرِ الذين آمَنوا أن لهم قدمَ صِدْقٍ عندَ رَبِّهم؟ فلمَّا أتاهم بوحي اللَّهِ وتَلاه عليهم، قال المُنكِرون توحيدَ اللَّهِ ورسالة رسوله: إِنَّ هذا الذي جاءنا به محمدٌ (٤) لسحرٌ مبينٌ. أي: يُبَيِّنُ لكم عنه أنه مُبطلٌ فيما يَدَّعِيه.

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إن ربَّكم الذي له عبادةُ كلِّ شيءٍ (٥)، لا تَنْبَغى العبادةُ إلا له، هو الذي خَلَق السماوات السبعَ، والأرَضينَ السبعَ في ستةِ أيامٍ، وانفَرَد بخَلْقِها بغير شريكٍ ولا ظهيرٍ، ثم اسْتَوى على عرشِه مُدَبِّرًا للأمور، وقاضيًا (٦) في خلقِه ما


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) في م: "إذا".
(٣) في الأصل، ت ٢: "كان"، وفى س: "إذا كان".
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) بعده في م: "و".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "قاضيها".