للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نابتةً (١) قائمةً على الأرضِ قبل ذلك بالأمسِ، وأصلُه من: غَنِيَ فلانٌ بمكان كذا، يَغْنَى به، إِذا أَقامَ به، كما قال النابغةُ الذبيانيُّ (٢):

غَنِيتُ بذلك إذْ هُمُ لكَ (٣) جِيرَةٌ … منها بعَطْفِ رسالةٍ وَتَوَدُّدِ

يقولُ: فكذلك يأتى الفَناء على ما تَتَباهَون (٤) به مِن دُنْياكم وزخارفها، فيُفْنِيها و (٥) يُهْلِكُها، كما أهْلَكَ أمرُنا وقضاؤنا نبات هذه الأرض بعد حُسنها وبهجتها، حتى صارت (٦) ﴿كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ﴾ كأن لم تكُن قبل ذلك نباتًا على ظهرِها.

يقولُ الله جلّ ثناؤه: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. يقولُ: كما بَيَّنَّا لكم، أيُّها الناسُ، مثلَ الدنيا، وعَرَّفْناكم حكمَها وأمرَها، كذلك نُبَيِّنُ حُجَجَنا وأدلتنا لمن تَفَكَّر واعْتَبَر ونظَر. وخَصَّ به أهلَ الفكرِ؛ لأنهم أهلُ التمييزِ بينَ الأمورِ، والفَحْصِ عن حقائقِ ما يَعْرِضُ مِن الشُّبَهِ في الصدورِ.

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بِشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قوله: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا﴾. الآية: إى واللهِ لئن تَشَبَّتَ بالدنيا وحَدِبَ (٧) عليها لتُوشِكَنَّ


(١) في ت ١، ت ٢، س، ف: "ثابتة".
(٢) البيت في ديوانه ص ٣١.
(٣) في م: "لي". وسيأتي أيضا في ص ٥٦٠.
(٤) في ت ٢، س، ف: "يتناهون".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "أو".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "صار".
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "حدث" وحدِب عليه يحدَب إذا عطف عليه. ينظر اللسان (ح د ب). والمراد أنه انكب عليها.